ثم إن الزائد على القدر المستحب والواجب هل هو على الإباحة أو الكراهة أو التحريم؟ وجوه، بل لعلها أقوال، والتحقيق، أنه لا ينبغي الاشكال في عدم الحرمة في مسح الزائد الذي لم يخرج به عن مسمى البعضية مع كونه من المقدم أو الناصية، والفرض خلوه من قصد التشريعية، بل قد يدعى في مثله أن لا تشريع لو قصد لمكان الأمر بمسح المقدم والناصية، فمن مسح أزيد من الثلاث من مقدمه وقلنا بكونه مسحا واحدا لا يبعد القول بأنه أحد أفراد الواجب وإن كان لا ثواب فيه زيادة على مسح الثلاث لو اقتصر عليها، فإنه بعد أن عرفت أن الآية دلت على مسح بعض الرأس، والسنة قيدت ذلك بالمقدم والناصية لا على إرادة إيجاب استيعابهما، وروايات الثلاث دلت على أنه منتهى الفضل في أفراد هذا الواجب مسح الثلاث، وهو لا ينافي تأدي الواجب بالزائد على الثلاث وإن لم يكن فيه فضل زائد عليها، نعم لو مسح مع بعض المقدم بعضا من غيره فالأصح الحرمة إن قصد التشريع، وعدمها إن لم يقصد، ووجههما واضح، وهل يبطل الوضوء على الأول؟ وجهان. أقواهما نعم إن قصده في ابتداء النية بحيث نوى القربة بوضوء هكذا مسحه. ولا أن قصد التشريع في الأثناء، لعدم دليل على إبطال ذلك، مع تحقق امتثال الأمر بالوضوء وإجزائه، أما لو مسح جميع رأسه فلا إشكال في عدم الحرمة حيث يكون قصد الامتثال بالبعض، ووقع الباقي لا بقصد شئ من الوضوئية، وما يظهر من بعضهم من الحكم بالكراهة لم نقف له على مستند، ولعله من جهة التشبه بالعامة ونحوه، والأمر سهل، أما لو قصد الامتثال بالمجموع فقد عرفت أنه لا إشكال في الحرمة، وما في الخلاف من الاجماع على بدعيته منزل عليه، ونحوه إطلاق المنقول من القول بالحرمة، والأقوى بطلان الوضوء وإن قصد ذلك في ابتداء النية، وإن قصده في الأثناء فيحتمل القول هنا بالبطلان وإن لم نقل به في الصورة السابقة، لعدم صدق امتثال مسح البعض المأمور به في الآية، واستوضح ذلك في أن السيد إذا قال لعبده. كل بعض الرغيف أو اشرب بعض الماء فأكل وشرب
(١٧٧)