ماهرا في فنه علما وعملا، لأن ذلك لا دخل له في عدم الضمان هنا، لتحقق الضمان مع الخطأ المحض فهنا أولى وإن اختلف الضامن، وهذا الحكم مما لم أجد خلافا فيه في صورة ما لو كان الطبيب قاصرا في المعرفة أو عالج من غير إذن من يعتبر إذنه وبنفي الخلاف هنا صرح المقدس الأردبيلي (رحمه الله)، وفي التنقيح عليه الإجماع.
وأما إطلاقه حتى في ما لو كان عارفا وعالج مأذونا فلا خلاف فيه أجده أيضا إلا من الحلي، حيث قال هنا: بعدم الضمان، للأصل، ولسقوطه بإذنه، ولأنه فعل سائغ شرعا فلا يستعقب ضمان.
وهو مع شذوذه، بل ودعوى الإجماع على خلافه في كلام جماعة كابن زهرة والماتن في نكت النهاية والشهيد في نكته - كما حكاه عنه في الروضة - مضعف بأن أصالة البراءة ينقطع بدليل شغل الذمة، وهو ما قد عرفته، والإذن إنما هو في العلاج لا في الإتلاف، ولا منافاة بين الجواز والضمان كالضارب للتأديب.
هذا، ويعضد المختار المعتبران الآتيان في إفادة البراءة سقوط الضمان، وتضمين الأمير (عليه السلام) قاطع حشفة الغلام (1)، وقصور السند أو ضعفه مجبور بالعمل، مع نفي الحلي بنفسه الخلاف عن صحة الأخير، لكن وجهه بأن المراد أنه فرط فقطع غير ما أريد منه فإن الحشفة غير محل الختان (2).
ولا جواب لهذا التوجيه إلا من حيث الحكم بتعينه، إذ لا دليل في الخبر عليه، مع احتماله الحمل على غير صورة التفريط، كاحتماله الحمل على صورته.
والأولى في الجواب عنه الاكتفاء بهذا الاحتمال، فإنه بمجرده كاف في رد دلالة الرواية على الحكم في المسألة، لكونها قضية في واقعة.