ثم إنه لو كان إطلاق الصفات عليه تعالى مجازيا يلزم أن تكون الإطلاقات الواردة في الكتاب والسنة كلها مجازية، وذلك مستبعد جدا، كما لا يخفى.
ذكر وإرشاد قد يقال في إطلاق العالم عليه تعالى: إن العالم معناه واجد المبدأ، ومراتب الواجدية متفاوتة؛ فإنه قد يطلق العالم على واجد الشيء لعرض وصفة - كما في علم غيره تعالى - وقد يطلق على واجدية الشيء لنفسه وذاته.
وواجديته تعالى لذاته أعلى مراتب الواجدية؛ فإذن إطلاق العالم عليه تعالى كإطلاقه على غيره، بل إطلاقه عليه تعالى أولى من غيره؛ لأنه فوق الجواهر والأعراض (1).
وفيه: أن هذا أيضا لا يصحح المطلب؛ لأنه لو تم ما ذكره فإنما هو أمر فلسفي، غير مربوط بمحيط العرف والعقلاء. والذي يكون في محيطهم هو أن الإطلاق في جميع الموارد بنحو واحد، من دون أن يكون فرقا بين حمل العالم وإطلاقه عليه تعالى، وبين حمله وإطلاقه على غيره تعالى. ولازم ما ذكر هو وضع المشتق لمعنى يأباه العرف والعقلاء.
وبالجملة: لو سلم تصوير جامع بين واجدية الشيء لعرض ولنفسه وذاته ولصفاته، لكنه خلاف متفاهم العرف والعقلاء في إطلاقهم، وخلاف المتبادر؛ فإن المفهوم المتبادر من العالم هو معنى واحد يختلف في الانطباقات.
والتحقيق أن يقال - كما أشرنا إليه - هو أن المتبادر من المشتق ليس إلا المعنون بعنوان المبدأ بما أنه معنون. وأما كون المعنون عنوانا زائدا على الذات أو عينها فغير مربوط بمفهوم المشتق، ولا يكون مدلولا عليه للفظ المشتق، وإنما هو من خصوصيات المصاديق.