أن ثبوت الشيء لنفسه ضروري، فينقلب القضية من الإمكان إلى الضرورة (1).
وفيه أولا: أنه لو تم ما أفاده فإنما يكون دليلا على عدم أخذ الذات في المشتق، لا على باطنه؛ لأنه من الممكن أن يقال: إن مفاد المشتق الحدث المنتسب إلى الذات، كما ذهب إليه المحقق العراقي (قدس سره)، كما تقدم آنفا.
وثانيا: أنه إن أراد بقوله: " ذلك " أنه يلزم من ذلك دخول العرض العام في الذاتي، والانقلاب في الواقع ونفس الأمر، فواضح أن مجرد أخذ الشيء معرفية شئ لا يلزم أن يكون المعرف - بالفتح - كذلك، ولا يكون ذلك ممتنعا.
وبعبارة أخرى: لا يلزم من كون المشتق موضوعا لذات ثبت له المبدأ امتناع ذاتي، والممتنع هو انقلاب الإمكان الواقعي إلى الضرورة، ودخالة العرضي في الذاتي كذلك.
وغاية ما يتوجه على القائل بأخذ الشيء في مفهوم المشتق: هي عدم صحة الحمل في " زيد ضاحك " مثلا، إلا بالتجريد، فيكون مرجع ما ذكره إلى أن ما قاله المنطقيون والمتبادر عندهم هو عدم أخذ الذات في المشتق.
فالأولى في تقريب استدلاله أن يقال: إنه لو أخذ مفهوم الشيء والذات في المشتق يلزم عدم صحة معرفية الناطق، الذي يكون فصلا مميزا. وإن أخذ ما صدق عليه الذات يلزم أن لا تكون القضية موجهة بالإمكان أصلا، بل بالضرورة دائما.
فيرجع حاصل الكلام إلى التبادر، وهو: أنه لو كان مفهوم الشيء معتبرا في المشتق يلزم أن لا يجعل المنطقي الناطق معرفا للإنسان. ولو اعتبر فيه ما صدق عليه الشيء يلزم أن لا يوجه القضية بالإمكان. والتبادر قاض بصحة كليهما، فلم تكن المسألة مبنية على الدليل العقلي، فتدبر.