وقال بعض آخر: إن لفظ الأمر مشترك معنوي بين الطلب وغيره من المعاني (1).
والذي يقتضيه التحقيق: عدم استقامة كلا القولين، بل يتعجب من قائلهما؛ وذلك لأن الذي يشتق منه ويكون مادة المشتقات - كما عليه المحققون - هو مادة الأمر غير المتهيئة؛ حتى هيئة المصدرية أو اسمها؛ أعني " أ م ر ".
فالموضوع لنفس الطلب هو مادة " أمر " غير المتهيئة. وأما الموضوع لسائر المعاني فهو نفس لفظ " الأمر " بمادته وهيئته. وبعبارة أخرى: لفظ الأمر جامدا وضع لسائر المعاني، فلم يكن الموضوع هنا شيئا ولفظا واحدا حتى يصح أن يقال بأنه مشترك لفظي أو معنوي بين الطلب وسائر المعاني.
والحاصل: أنه لا معنى محصل لأن يقال: إن لفظ الأمر موضوع لمعاني - منها الطلب - بالاشتراك اللفظي، أو لمعنى جامع بين المعاني بالاشتراك المعنوي.
وبلحاظ هذا المعنى الحدثي صح الاشتقاق منه. وذلك لفظ الأمر بما له من الهيئة لم يكن مبدأ للاشتقاق، بل مادته - من دون تهيؤها بهيئة وصورة - مبدأ له، هذا.
مضافا إلى أن لازم القول بالاشتراك المعنوي وجود جامع ذاتي بين الحدث وغيره، وهذا - مع أنه غير معقول - لا يصح الاشتقاق منه إلا بلحاظ المعنى الحدثي، وهو غير المعنى الجامع. نعم الاشتقاق مجازا وبالتسامح، فتدبر.
فظهر بما ذكرنا: أن مادة الأمر موضوع للحدث اللا بشرط السارية في جميع هيئات المشتق. ولفظة الأمر بمادتها وهيئتها موضوعة لسائر المعاني. فالقول بالاشتراك بقسميه ساقط من أصله.