وبالجملة: معنى الأمر بالفارسية هو " فرمان "، ولا يطلق ذلك لكل طلب من كل أحد، ولو لم يكن عاليا، أو كان عاليا ولم يكن مستعليا، بل إنما يطلق إذا طلب العالي؛ مستعليا.
ولعل ما ذكرنا واضح لمن تأمل موارد استعمالهما في اللغتين العربية والفارسية.
فعلى هذا: لابد وأن يقال: إن مفهوم مادة الأمر معنى مضيق، لا ينطبق إلا على الطلب الصادر من العالي المستعلي عند التحليل.
نقل وتعقيب ولبعض الأكابر (1) - دامت بركاته - هنا مقالا لا بأس بذكره والإشارة إلى ما فيه.
فقال ما حاصله: إن حقيقة الأمر بنفسه يغاير الالتماس والدعاء، لا أن المغايرة بينهما باعتبار كون الطالب عاليا أو مستعليا؛ بحيث تكون مادة الأمر موضوعة للطلب من العالي بما أنه عال؛ بحيث يكون هناك قيدا.
وذلك لأن الطلب بنفسه ينقسم إلى قسمين:
الأول: الطلب الذي قصد الطالب انبعاث المطلوب منه من نفس هذا الطلب؛ بحيث يكون داعيه ومحركه إلى الامتثال نفس هذا الطلب، من دون شئ آخر.
ويسمى هذا القسم من الطلب أمرا.
والثاني: الطلب الذي لم يقصد الطالب فيه انبعاث المطلوب منه من نفس طلبه، بل قصد انبعاث مطلوبه منه من هذا الطلب منضما ببعض المقارنات التي توجب وجود الداعي في نفسه، كطلب الفقير من الغني شيئا؛ فإنه لا يقصد انبعاث