وأما هيئات المشتقات الاسمية: فقد عرفت أنها موضوعة للمعنون بما هو معنون، وقد عرفت أن المادة موضوعة للعنوان المبهم بالحمل الشائع. فإذا اتحدت مع الهيئة الموضوعة لإفادة معنونية شئ ما بالمبدأ فتتحصل بها، فيصلح بذلك للحمل.
فحاصل الفرق بين المشتق ومبدئه: هو أن المبدأ هو العنوان المبهم من جميع الجهات ولا تحصل له أصلا، والمشتق عنوان متحصل.
ثم إن الفرق بين المصدر - لو كان مفاده الحدث اللا بشرط - وبين مبدأ الاشتقاق لا يكون معنويا، وإنما هو لفظيا. وذلك لأنه قد عرفت آنفا أن مبدأ الاشتقاق هو العنوان المبهم من جميع الجهات، ولا تحصل له أصلا. وأما المصدر فقد عرفت سابقا - عند التكلم في مبدأ المشتقات - أن هيئته كهيئة اسمه وضعت لإمكان التنطق بالمادة، فالمصدر هو الحدث المتحصل.
فظهر: أن الفرق بينهما - بعد اشتراكهما في المعنى؛ وهو الحدث اللا بشرط - أن مبدأ الاشتقاق هو المعنى المبهم غير المتحصل، بخلاف المصدر فإنه الحدث المتحصل، فتدبر.
ولعله بما ذكر يظهر الفرق بين المصدر وسائر المشتقات الاسمية؛ فإن المصدر لا تحصل له إلا من جهة اللفظ والتنطق بالمادة، بخلاف المشتقات فإنها تحكي عن معنونية الشيء بالعنوان.