من الوضع الأول ذات الحدث، ومن الوضع الثاني الحدث المتحيث بمفاد الهيئة.
ثم إن الوضع الثاني - أي المادة المتهيئة - لو كان في كل مورد على حدة بأوضاع متعددة فيستلزم كون الوضع في المشتقات شخصيا، وهو خلاف الوجدان.
ولو صح ذلك فلا يحتاج إلى تصوير مبدأ الاشتقاق؛ لصيرورته من الجوامد، مع أنه حينئذ لا يحتاج إلى وضع المادة مستقلا بدون الهيئة، فتدبر.
الجهة السادسة في وضع هيئات المشتقات الفعلية الحق: أن الوضع في هيئات الأفعال مطلقا عام والموضوع له خاص؛ لأن معنى هيئات الأفعال معنى حرفيا؛ لأن بعضا منها يدل على معنى حكائي كهيئة " ضرب " و " يضرب " مثلا، وبعضها إيجادي كهيئة " اضرب " مثلا؛ فإنه بنفس هيئة " اضرب " يوجد معناه في عالم الاعتبار، كما هو الشأن في الحروف؛ فبعضها حكائي ك " من " و " إلى "، وبعضها إيجادي ك " ياء النداء ".
سيأتي الكلام مستوفى في إثبات معنى حرفية هيئات الأفعال الإيجادية في مبحث الأوامر إن شاء الله.
ومحط البحث هنا: إثبات حرفية هيئات الأفعال الحاكيات كالماضي والمضارع؛ فنقول: المتبادر من هيئة الماضي هي الحكاية عن تحقق صدور الحدث من الفاعل كضرب، أو حلوله فيه كبعض الأفعال اللازمة كحسن وقبح. والمتبادر من هيئة المضارع هي الحكاية عن لحوق صدور الحدث.
ومعلوم: أن تحقق صدور الحدث من الفاعل أو حلوله فيه، وكذا لحوق صدور الحدث معنى حرفيا وكونا رابطيا غير مستقل بالمفهومية والوجود.
وبعبارة أخرى: هيئتي الماضي والمضارع تحكيان عن تحقق الحدث أو لحوقه مع