الخميس أمارة على حياته يوم السبت، والشاهد على ذلك عدم إرساله أموالا تجارية بعنوانه.
نعم، لو احتمل ضعيفا موته يوم السبت فلا يعتنون بذلك الاحتمال، ولكن ليس ذلك لأجل الاستصحاب، بل لأجل الوثوق والاطمئنان بالبقاء وضعف احتمال الخلاف، نظير بقائهم على أصالة الصحة حيث لا يعتنون باحتمال الفساد الموهوم؛ لوقوفهم بصحة العمل.
وبعبارة أخرى: قد يكون اليقين السابق أمارة على البقاء في اللاحق إذا كان احتمال الخلاف موهونا؛ لوثوقهم ببقاء ما كان سابقا عادة ودوامه لولا المانع إلى ظرف الشك، وواضح أن هذا ليس باستصحاب، بل أمارة عقلائية.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول: الاحتمالات في قوله (عليه السلام): " لا تنقض اليقين بالشك "؛ احتمال أن يقال: إن المراد به تنزيل الشك منزلة اليقين؛ لأنه إن أريد إفهام هذا المعنى كان ينبغي أن يقال: " ليس لك شك ".
وواضح: أن المترائي بدءا من " لا تنقض اليقين " أن اليقين لصلابته لا تنقضه بالشك الذي يكون هينا.
وهذا المعنى هو الذي احتملناه سابقا؛ ولذا قلنا بأمارية الاستصحاب.
ولكن بعد التدبر في أخبار الاستصحاب وملاحظة أن الشارع لا يكاد يمكن أن يعتبر الشيء أمارة إلا إذا كان له أمارية في الجملة، وواضح أنه لا يمكن أن يكون اليقين السابق إلا أمارة إلى ما تعلق به، ولا يكاد يتعدى حريمه، فلا يكون اليقين السابق أمارة للشك اللاحق، فإذا لم يصلح أن يكون اليقين أمارة لظرف الشك فلا يمكن جعل الأمارية له؛ لما عرفت أن الشارع بما هو شارع لا يتصرف في التكوين، ولا يجعل ما ليس له أمارية أصلا أمارة.