ولكن ربما يذكر في المقام إشكال عقلي في الإجزاء بما أتى به، ويقرب الإشكال بوجهين:
الوجه الأول: هو أنه لا يمكن جعل الجزئية أو الشرطية أو المانعية ولا نفيها إلا بتتبع منشأ انتزاعها، فرفع الجزء غير المعلوم - مثلا - برفع منشأ انتزاعه؛ وهو الأمر المتعلق بالمجموع المركب الذي منه هذا الجزء، فتحتاج في كون البقية مأمورا بها إلى تعلق أمر آخر بالمجموع المركب بغير ذلك الجزم.
وبالجملة: رفع الجزئية عن السورة المشكوكة كونها جزء للصلاة - مثلا - لا يصح إلا برفع نفس التكليف بأصل الصلاة، فلابد لإثبات كون ما عدى السورة مأمور بها إلى دليل آخر. فإذا لم يمكن رفع الجزئية - مثلا - إلا بنفي منشأ انتزاعه، والأمر بالصلاة تعلق بالمجموع المركب مع هذا الجزء، فإذا رفع الأمر بالمجموع المركب في الشك في جزئية السورة فنحتاج إلى كون البقية مأمورا بها إلى دليل آخر يحدد المأمور به بما عدى ذلك، ولا يمكن إثبات ذلك بالأصل؛ فمقتضى القاعدة عدم الإجزاء برفع جزئية السورة - مثلا - بحديث الرفع.
وفيه أولا: أنه تقدم - لعله بما لا مزيد عليه - إمكان جعل الجزئية أو الشرطية أو المانعية، وعليه لا إشكال في الإجزاء بمقتضى حديث الرفع، كما اعترف به المستشكل أيضا.
وثانيا: أن مرجع ما ذكر في الإشكال إلى الفسخ أو البداء المستحيل؛ وذلك لأن مقتضى ما ذكر في الإشكال أن المطلوب أولا بالإرادة الجدية هو المركب من جميع الأجزاء والشرائط مع عدم الموانع، ثم أريد في صورة الشك في الجزئية - مثلا بالإرادة الجدية خلافه. والبداء الممكن هو جعل قوانين ويريدها بالإرادة الاستعمالية، وهو يعلم بعلمه الوجوبي انطباق القانون في مورد دون مورد. والفسخ الصحيح هو انتهاء أمد الحكم الذي جعل بصورة يتوهم بقاؤه إلى الأبد.