وما ورد بصورة " يمضي " مرجعه إلى عدم الاعتناء بالشك؛ ولذا جمع (عليه السلام) بين كلمة " يمضي " وبين قوله: " شكك ليس بشيء " في صحيحة زرارة؛ حيث قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة، قال (عليه السلام):
" يمضي ". قلت: رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر، قال (عليه السلام): " يمضي "... إلى أن قال (عليه السلام): " يا زرارة! إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء " (1).
فيظهر من لسان الصحيحة عند إعطاء الضابطة الكلية: أن الشك ليس بشيء، فلابد وأن يكون ما ذكره أمثلة ومصاديق لهذا العنوان، فيكون المراد بقوله (عليه السلام):
" يمضي " أنه لا يلبث عند الشك ولا يعتني به، بل يتجاوز عنه. ولعل ما ورد بلسان " ركعت " يشير إلى ذلك أيضا، فتدبر.
ولا فرق في نظر العرف بين أن يكون مفاد قاعدة التجاوز عدم الاعتناء بالشك أو البناء على وجوده، في أنه يفهم منها أن ما أتى به مصداق المأمور به بتقبل الناقص منزلة الكامل لو كان في الواقع ناقصا، ويصدق على ما أتى به عنوان الصلاة.
ولا يخفى - كما أشرنا آنفا - أن لازمه سقوط أمره، فتدبر جيدا.
هذا كله على ما هو المختار، كما سيجيء في محله من أن مفاد الفراغ والتجاوز ليس بأمارة. نعم في بعض روايات الباب كقوله (عليه السلام) حين يتوضأ أذكر منه حين يشك (2)، ما يمكن أن يستشعر منه أماريتها. ولكنه ليس بحيث يصح الاعتماد عليه والحكم بأماريتها، فارتقب حتى حين.
وكيف كان: لو استفيد من روايات الباب أماريتها فكلام آخر.