فظهر مما ذكرنا كله في الموارد من هذا الموضع: أن مقتضى القاعدة الأولية في الأصول برمتها - سواء كانت أصولا محرزة أو غير محرزة - هو الإجزاء ما لم يدل دليل على خلافه، فإن دل على ذلك فنقول بعدم الإجزاء.
وبعبارة أخرى: ظهر لك من مطاوي ما ذكرناه في الموضع الثالث: أن مقتضى اعتبار الأصول - وإن كان تنزيليا - أنه لو أتى المكلف على طبقها ثم انكشف الخلاف فالقاعدة تقتضي الإجزاء؛ سواء قلنا بأن مفاد دليل اعتبارها جعل الحكم الشرعي، أو الأمر بترتيب الآثار.
خلافا لما عن المحقق العراقي (قدس سره) حيث كان مصرا على أنه إذا كان المجعول في الأصول حكما شرعيا لا يستلزم ذلك حكومة دليلها على أدلة الأجزاء والشرائط الأولية، ويكون مقتضاه الإجزاء.
وأما إذا كان المجعول فيها الأمر بترتب الآثار - كما هو الظاهر منها - فغاية ما تقتضيه هو جواز الدخول في العمل وعدم الإجزاء بعد كشف الخلاف. واستظهر (قدس سره) من أدلتها أنها آمرة بترتب الآثار (1).
ولا يخفى ما في كلامه (قدس سره) نظر؛ أما استظهاره من الأدلة في كونها آمرة بترتب الآثار فنقول: ظاهر أدلة اعتبار تلك القواعد والأصول بأجمعها هو جعل الحكم الشرعي، لا الأمر بترتب الآثار؛ وذلك لأن ظاهر قوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر... " إلى آخره، أو " كل شئ حلال... " إلى آخره إخبار عن الطهارة أو الحلية الواقعتين على المشكوك في طهارته أو حليته، وحيث لا يمكن حملهما على الواقعي منهما فلابد من حملهما على الطهارة أو الحلية التنزيليتين.
وبالجملة: الفتاوى والأحكام الصادرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تحكي عما هو