فظهر: أن القول بأن الحكم في القضية الحقيقية على الأفراد المحققة والمقدرة - كما قد يوجد في بعض العبائر، بل في كلمات بعض أرباب الفن - غير وجيه؛ لأن القضية الحقيقية من القضايا البتية، وقد تعلق الحكم فيها على العنوان، ولفظة كل سور القضية، ولا تفيد إلا تكثير الطبيعة. وأما على ما ذكر فلم تكن من القضايا البتية، بل تكون بعضها تنجيزي وبعضها تقديري.
هذا إجمال الكلام في القضية الحقيقية والخارجية، وسيجئ منا بعض الكلام فيهما في مستقبل الأمر إن شاء الله، وتفصيل الكلام فيهما يطلب من محله. فلو تم كلامه (قدس سره) في القضية الحقيقية نقول به في القضية الخارجية.
ولكن الذي يقتضيه التدبر والتحقيق عدم تمامية كلامه في الحقيقة، ولعل هذا الكلام منه نشأ من مقايسة ما نحن فيه بمسألة " كل خبري صادق "، فكما أنه حكم فيها على نحو الحقيقية بأن كل ما يخبره يكون صادقا فعند قوله ذلك يوجد مصداق وفرد بالحمل الشايع لعنوان خبره، وينطبق العنوان عليه انطباقا تكوينيا.
وأما ما نحن فيه فلا يوجد مصداق للشرطية بنفس جعل الطهارة الظاهرية؛ لوضوح أن غاية ما يقتضيه قوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر حتى تعلم أنه نجس " هو جعل الطهارة على المشكوك فيه، وأما إثبات الشرطية لها مضافا إلى جعل أصل الطهارة فلا، ولا يمكن تتميم ذلك بالقضية الحقيقية، كما لا يخفى.
والذي يسهل الخطب - كما أشرنا إليه آنفا - هو أن تحكيم دليل على آخر لا يحتاج إلى جعلين حتى يلزم منه المحذور، بل مقتضى الفهم العرفي من جميع دليلين تحكيم أحدهما على الآخر توسعة أو تضييقا، ويستكشف فيما نحن فيه بعد ملاحظة قوله (صلى الله عليه وآله): " لا صلاة إلا بطهور " وقوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر " أن الطهارة المعتبرة في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية.