فالإشكال نشأ من خلط تحكيم الأصول لأدلة الأجزاء والشرائط وبين تحكيمها على أحكام النجاسات الواقعية، فتدبر جيدا.
فخلاصة حكومة الأصول: أن ما هو نجس واقعا - مثلا - يجوز ترتيب آثار الطهارة عليه في ظرف الشك، ومن تلك الآثار إتيان الصلاة المشروطة بها بلسان تحقق الطهارة، ولازمه تحقق مصداق المأمور به، فتدبر جيدا.
ثم إن إشكاله الرابع لم يكن إشكالا مستقلا، بل هو من تتمة إشكاله الثالث، ويكون تقريرا آخر له، وبما ذكرنا في دفعه يظهر ضعفه أيضا؛ وذلك لأن حاصل إشكاله الرابع هو أنه لو كانت الطهارة المجعولة بأصالة الطهارة واستصحابها موسعة للطهارة الواقعية يلزم الحكم بطهارة ملاقي مستصحب الطهارة، وعدم القول بنجاسته بعد انكشاف الخلاف، وعدم كون الملاقى - بالفتح - نجسا؛ لأنه حين الملاقاة كان طاهرا بمقتضى التوسعة، وبعد انكشاف الخلاف لم يحدث ملاقاة أخرى توجب نجاسة الملاقي، فينبغي القول بطهارته، وهو كما ترى (1).
وفيه: أن خبير بأن ذلك إنما يلزم لو قلنا بحكومة قاعدة أو استصحابها - مثلا على أدلة أحكام النجاسات الواقعية، ولم يرده القائل بالإجزاء، وهو خلاف ضرورة الفقه، لا ينبغي للتقيد أن يتفوه بها أو يحملها. فهو يرى البول - مثلا نجس ولو في ظرف الشك، وإنما أراد حكومتها على شرطية الطهارة من الخبث في الصلاة - مثلا - وأن الصلاة في مشكوك الطهارة صحيحة.
فإشكاله الرابع كإشكاله الثالث ناشئان عن الغفلة والخلط بين المقامين.