فتوهم إمكان جعل الأمارية للشك الذي لا يكون له كاشفية أصلا - كما لعله ربما يتوهم - لا وجه له.
وكذا لا وجه لأن يقال: إن حجية أمارة مقتضاها تتميم الكشف (2)، أو تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع (2).
أما الأول؛ فلأنه تصرف في التكوين، ولا شأن للشارع - من حيث إنه شارع - التصرف في التكوين.
نعم إن رجع تتميم الكشف إلى ما ذكرنا من أن مقتضى أمر الشارع بالعمل بأمارة مقتضاه كونه طريقا إليه، نظير الطرق الموجودة عندهم.
وأما الثاني؛ فلأن تنزيل المؤدى منزلة الواقع ينافي الأمارية؛ لأن معنى التنزيل هو أن نفي ما أدى إليه الأمارة من دون أن يكون لها كاشفية عن الواقع منزل منزلة الواقع، نظير قولك: " إذا شككت فابن على كذا... "، فكما أن الشك في شئ موضوع للبناء عليه، من دون أن يكون للشك كاشفية في ذلك، فكذلك تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع لا يكون له أمارية.
وبالجملة: مقتضى وجوب الشارع العمل بقول الثقة - مثلا - لو فرض كونه مما أسسه الشارع إنما هو لتقيد وكشف قوله عن الواقع نوعا، لا أن قوله منزل منزلة الواقع. نعم العمل بالأمارة معذر ما لم ينكشف الخلاف، فإذا انكشف الخلاف يجب إعادتها في الوقت وقضاؤها خارج الوقت.
فظهر: أن مقتضى الأمارة التأسيسية - كالأمارة العقلائية - عدم الإجزاء عند كشف الخلاف.