يعملون بخبر الواحد والشارع اشترط العدالة في العمل بخبر الواحد، أو أنه تعالى أشار إلى فسق وليه، فأنى للآية المباركة وتنزيل المؤدى منزلة الواقع؟!
وقوله (عليه السلام): " لا ينبغي التشكيك فيما يرويه... " إلى آخره ظاهر في أن قول الثقة حجة ومعذر لا ينبغي التشكيك فيه.
وكذا قوله (عليه السلام) في حق العمري وابنه بملاحظة صدر الرواية حيث أجاب الإمام (عليه السلام) عن أنهما ثقتان أم لا: " العمري وابنه ثقتان ما أديا فعني يؤديان " يستفاد منه أن حجية قول الثقة كانت معلومة عند السائل، والسؤال إنما هو عن الصغرى وأنهما تقعان أم لا، فقوله (عليه السلام): " ما أديا فعني يؤديان " بعد قوله أنهما ثقتان تأكيد لوثاقتهما.
ولا يخفى: أن المعنى الذي أشرنا إليه في معنى الآية المباركة والروايات هو المتبادر منه في أمثال المقام. وإن كنت - مع ذلك - في ريب من ذلك فالعرف ببابك، فاستعلمهم واستخبرهم، تجدهم أصدق شاهد على ما ذكرنا.
وثانيا: لو سلم أن أدلة حجية خبر الواحد تنزيل المؤدى منزلة الواقع فيخرج خبر الواحد عن الأمارية، ويكون نظير الحكم المجعول على المشكوك فيه، كقوله (عليه السلام): " إذا شككت بين الأقل والأكثر فابن على الأكثر " (1)، فكما أن حكم البناء على الأكثر مجعول على الشك بين الأقل والأكثر فكذلك حكم البناء على تنزيل المؤدى منزلة الواقع مجعول على خبر الثقة.
نعم، لا يكون على هذا أصلا؛ لأن الموضوع في الأصل هو المشكوك بما هو مشكوك، ولم يكن المقام كذلك كما لا يخفى، فتدبر.
وبالجملة: لو كان مفاد حجية خبر الواحد تنزيل مؤداه منزلة الواقع يكون نظير الأصل، حيث أثبت الحكم على موضوع الشك، من دون أن يكون له واقع تطابقه أم لا، فتدبر جيدا.