نعم في إنفاذ بنائهم على ما هم عليه حكمة؛ وهي تسهيل الأمر؛ لعدم حصول العلم غالبا وصعوبة العمل بالاحتياط.
فتحصل: أن في محل البحث - وهو المركب الارتباطي (1) - لو قامت أمارة على كون شئ جزء لم يكن جزء في الواقع، أو نفى جزئية شئ يكون جزء في الواقع. وكذلك في جانب الشرط أو المانع لا يوجب ذلك تصرفا في الواقع، ولا تمس كراهته، بل يكون الواقع باقيا على ما هو عليه.
وأما على الوجه الأخير - أي القول بكون الأمارة مما أسسها الشارع - فكذلك أيضا؛ لأنه لو فرض أن لسان قوله (عليه السلام): " ما أدى فعني يؤدي... " (2) أو قوله (عليه السلام): " لا عذر لأحد من موالينا التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا... " (3) تأسيس أمارة، فمعناه ليس إلا حجية الواقع والتحفظ عليه، من دون أن يوجب تصرفا فيه أو قلب الواقع عما هو عليه.
وبعبارة أخرى: تأسيس الشارع أمارة معناه إيجاب العمل على طبق الأمارة، وبعد تأسيس الأمارة يكون ما أسسه مثل ما يراه العقلاء أمارة وتقع في عرضها؛ فكما لا يكون مقتضى الأمارات الموجودة عندهم الإجزاء - كما أشرنا - فكذلك في المصداق الذي أسسه الشارع.
فاتضح مما ذكرنا: أن متعلق الجعل لابد وأن يكون له كاشفية في نفسه، كالظن غير المعتبر.