جواهر الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للنگرودي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٧
بعدم الإجزاء، إلا إذا دل دليل على الإجزاء (1).
1 - قلت: ولسماحة أستادنا الأعظم البروجردي مقالا في الإجزاء في الطرق والأمارات، أشار إلى ضعفه سيدنا الأستاد في غير هذه الدورة. ولتكميل المقال في مسألة الإجزاء أحببنا الإشارة الإجمالية إلى ما أفاده وإلى ضعفه:
وحاصل ما أفاده: أن الأمارة - كخبر الثقة مثلا - وإن كانت بلسان حكاية الواقع ولكنها بنفسها ليست حكما ظاهريا، بل الحكم الظاهري عبارة عن مفاد دليل حجية الأمارة الحاكمة بوجوب البناء عليها.
وبعبارة أخرى: فرق بين نفس ما تؤدي عنه الأمارة وتحكيه، وبين ما هو المستفاد من دليل حجيتها؛ فإن خبر زرارة إذا دل على عدم وجوب السورة في الصلاة - مثلا - كان قوله حاكيا بنفسه عن الواقع، - جعله الشارع حجة أم لا - ولكن الحكم الظاهري في المقام ليس عبارة عن مقول قول زرارة من عدم وجوب السورة في الصلاة، بل هو عبارة عن مفاد أدلة حجية خبر الواحد؛ أعني حكم الشارع - ولو إمضاء - بوجوب العمل على طبقه وترتيب الآثار على ما أخبر به الثقة.
فلو انحل قوله: " صدق العادل " مثلا بعدد الموضوعات كان معناه فيما قام خبر على عدم وجوب السورة: " ابن على عدم وجوب السورة "، وظاهره أنه إذا صليت بغير السورة فقد امتثلت الأمر بالصلاة وكان عملك مصداقا للمأمور به، وإن كانت السورة جزء واقعة انتهى محررا. [1] وفيه: أن ما أفاده - مع اعترافه بأنه ليس للشارع أمارة تأسيسية، بل إمضاء لما عليه العقلاء - غير ملائم؛ وذلك لما تقدم آنفا لعله بما لا مزيد عليه أن وزان الأمارة عند العقلاء وزان القطع من حيث كشفها عن الواقع ومنجز له عند المصادفة ومعذر له عند المخالفة. فإذا انكشف الخلاف انتهى أمد العذر، فيجب إتيان الواقع بالإعادة في الوقت أو القضاء خارجه.
بل عرفت: أنه لو فرض أن للشارع أمارة تأسيسية فكذلك؛ لأن معنى تأسيسية أمارة هو ازدياد الشارع مصداقا على المصاديق عند العقلاء بعدما لم تكن موجودة عندهم، فتكون الأمارة المؤسسة جارية مجرى الأمارات الدارجة بينهم.
وبالجملة: لسان اعتبار الأمارات التأسيسية - فضلا عن إمضائياتها - لا تكون لسان تقييد الواقع، بل مقتضاه تعيين طرق إليه لم تكن معهودة بينهم، ويفهم العرف جليا من لزوم العمل على قول الثقة - مثلا أنه بلحاظ كشفه وإراءته للواقع، من دون أن يكون مقتضاه جعل حكم على مؤداه، تدبر جيدا. [المقرر حفظه الله].
[1] نهاية الأصول: 144.