وتوهم إثبات الفوت باستصحاب عدم إتيان الفريضة في الوقت المقرر لها مبني على حجية الأصول المثبتة؛ لأن عنوان الفوت غير عنوان عدم الإتيان مفهوما، وإن كانا متلازمين في الخارج. وإثبات عنوان الفوت باستصحاب عدم الإتيان كإثبات أحد المتلازمين بالاستصحاب الآخر، فتأمل جيدا.
إذا أحطت خبرا بما ذكرنا تعرف النظر فيما ذهب إليه المحقق الخراساني (قدس سره)، حيث اختار البراءة عند الإهمال وعدم الإطلاق من دون تفصيل (1)، كما أشرنا.
ذكر وتعقيب أورد المحقق العراقي (قدس سره) على ما ذهب إليه أستاده المحقق الخراساني (قدس سره) - من القول في البراءة على سبيل الإطلاق من دون تفصيل عند إهمال الأدلة وعدم الإطلاق لها - بما حاصله: أن البراءة إنما تتم إذا قلنا بأن متعلق التكليف في الصلاة - مثلا - هو الجامع بين صلاتي المختار والمضطر، كالجامع بين صلاتي المسافر والحاضر، وإنما عين الشارع لكل واحد من المكلفين فردا خاصا به من أفراد الجامع في مقام الامتثال، فلا محالة يكون المأتي به في حال الاضطرار هو نفس المأمور به في حال الاختيار، غايته بفرد آخر. فعليه يكون الشك بعد رفع الاضطرار في حدوث تكليف جديد؛ فالمرجع البراءة، ولا مجال للاستصحاب، كما لا مجال للتمسك بالإطلاق، كما هو واضح.
وأما لو قلنا بأن متعلق التكليف هو الصحيح الجامع لجميع الأجزاء والشرائط الذي هو وظيفة المختار، وإنما المانع من تنجز التكليف به في حق غيره هو الاضطرار.