فكذلك حيث يرى: أن الصلاة بدون قصد الأمر والإطاعة لا تكون وافية بالصلاح؛ فيتصورها متقيدة بقصد أمرها غير المتحقق بعد في الخارج؛ فيبعث نحوها كذلك.
وبالجملة: لا شبهة في إمكان تصوير ما لم يكن موجودا في الخارج المتحقق في الآجل؛ فإذا تصور أن الصلاة - مثلا - من حيث هي - من دون قصد أمرها - غير واجدة للمصلحة ولا محصلة لمطلوبه، فلا يصدق بفائدتها مطلقة، فضلا عن إرادتها كذلك. فما ظنك بانحدار البعث نحوها! بل يصدق بأن المصلحة إنما هي في المقيدة بقصد الأمر، فضلا عن استحالة تعقلها بها مقيدة.
وتوهم من توهم استحالة تعلق الإرادة بها؛ للزوم مفسدة الدور إنما هو لبعده عن مسير البحث، وتوهمه لزوم تقييد الصلاة - مثلا - بأمر جارحي.
فمن تنبه على أن للإرادة مبادئ مضبوطة تجب عندها وتمتنع دونها، فإذا لاحظ المقنن أن المصلحة قائمة بالصلاة المتقيدة بقصد الأمر فيصدق بها، فيتحقق الإرادة نحوها أيضا.
ولا يكاد يعقل تعلق الإرادة بالمجردة بعد التصديق بأن المصلحة غير قائمة بها وحدها. وعدم وجود الأمر خارجا غير مضر في ذلك بعد وجوده قطعا في ظرف الامتثال.
فظهر لك مما ذكرنا: استحالة عدم أخذ قصد الأمر في متعلق الإرادة لو كانت المصلحة قائمة بالطبيعة المتقيدة بقصد الأمر، فضلا عن إمكانه، فما ظنك باستحالة أخذه؟!
ومنشأ الإشكال - كما أشرنا - هو الخلط بين الحمل الشائع والحمل الأولي، وخلط الموجود الخارجي بالموجود الذهني.
هذا كله في مقام التصور والثبوت، فقد ظهر وجوب تعلق الإرادة أحيانا بالطبيعة المتقيدة بقصد الأمر.