كونه سببا لتحصيل ما يمكن تحصيله من الملاك، حيث يوجب حسنه فعلا من دون أن يمنع منه قبحه الأولى، حيث لا يؤثر في المنع بعد لا بدية حصوله بسبب الاضطرار. فلاحظ.
ونظير ذلك ما لو لاحظ المولى ملاكا فجعل التكليف لحفظه، فألجأه المكلف لرفع اليد عنه مع بقاء ملاكه باحداث الملاك المزاحم الأهم، حيث يكون احداث الملاك المذكور بمنزلة التعجيز عن التكليف الأول في استحقاق عقاب مخالفته كالمعصية له، وان كان امتثال التكليف الحادث على طبق الملاك الأهم لازما، لفعليته.
كما لو أوجب المولى حفظ الماء، فأراد المكلف ألجأه للتكليف بصرفه بفعل ما يوجب عطش من يهتم المولى بحفظه، فأمره بصرف الماء في رفع عطشه، فإنه يستحق بفعل ما يوجب العطش عقاب صرف الماء، وان وجب عليه بعد حصول العطش.
ودعوى: أن العقاب في ذلك على احداث الملاك الأهم، كفعل ما يوجب العطش، لا على صرف الماء المأمور به بعد العطش.
مدفوعة: بأن احداث الملاك الأهم كالاضطرار في المقام، وان كان هو المنشأ في استحقاق العقاب، الا أن العقاب بلحاظ الملاك الفائدة، ولذا يكون العقاب تابعا له كثرة وقلة، فكلما كان الماء المحتاج لصرفه أكثر كان العقاب أكثر. وان أبيت فيه الا عن ذلك جرى مثله في المقام، لأنهما من باب واحد.
وبالجملة: المقامان من باب واحد والرجوع للمرتكزات العقلائية في الملاكات وما يستتبعها من جعل الاحكام والطاعة والمعصية والانقياد والتمرد والثواب والعقاب يشهد بامكان الامر بالمجمع، بل لزومه بلحاظ ملاكه، وان كان المكلف مستحقا للعقاب بلحاظ فوت ملاك النهى عنه بسبب الاضطرار بسوء الاختيار، وأن تبدل حكم الفعل والامر به حين القيام به انما ينافي العقاب عليه