مأخوذة من أدلة لفظية قابلة للتخصيص، بل هي عقلية وجدانية كشف ذلك عن قصور بعضها في نفسه، وأن صيغتها بنحو القضية الكلية الشاملة للمورد في غير محله ناشئ عن اختلاط الامر على الوجدان، بل اللازم الرجوع للوجدان في خصوصيات الموارد والتمييز بينها، ليتضح عموم هذه الكبريات لها أو قصورها عنها، ولا ينبغي سوقها على أنها مسلمة الثبوت على عمومها. فضلا عن الاحتجاج بها في المورد مع ثبوت الخلاف في عموم كل منها له، حيث أنكر جماعة الترتب على خلاف عموم الكبرى الثانية، والتزم به بعضهم مع وحدة العقاب على خلاف عموم الأولى، كما التزم آخرون به مع تعدد العقاب على خلاف عموم الثالثة.
هذا، ولا ينبغي التأمل في امكان الترتب ولزومه بعد ملاحظة ما تقدم في تقريبه وتوضيحه، ولا أقل من جعل مفروض الكلام ثبوته والتسليم به.
كما لا ينبغي التأمل في عدم تعدد العقاب معه، بحيث يكون عقاب عاصي التكليفين معا في المقام كعقاب عاصيهما مع عدم المزاحمة وامكان الجمع في الامتثال، فمثلا: لو تعرض للغرق مؤمن ومستضعف وأشرفا على الخطر، وكان هناك شخصان أحدهما يستطيع انقاذ أحد الغريقين لا غير سباحة، والاخر يستطيع انقاذهما معا بسفينة، فتركاهما حتى غرقا، فهل يمكن بعد الرجوع للمرتكزات العقلائية والتأمل فيها دعوى: أن عقاب الشخصين بنحو واحد، لاشتراكهما في مخالفة تكليفين، وان كان التكليفان ثابتين في حق الأول بنحو الترتب وفى حق الثاني في عرض واحد.
وأيضا، فالامر الترتبي كما يجرى في التكلفين المختلفين في الأهمية كذلك يجرى في التكليفين المتساويين، غايته أن كلا منهما مشروط بعدم امتثال الاخر، وحينئذ لو تعرضت للغرق سفينة تحمل جماعة كثيرة يغرقون بغرقها، وكان هنا جماعة مختلفو الطاقة على انقاذهم، فبعضهم يستطيع انقاذهم