هذا واستدل لهم أيضا بأنه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه، وحصول الحنث بفعلها، ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة، لا يحصل بها الحنث، لان الصلاة المأتي بها فاسدة لأجل النهى عنها، بل يلزم أن يكون فسادها موجبا لصحتها، لأنها لو كانت فاسدة لم تكن مخالفة للنهي. ولا وجه لعدم كونها صحيحة الا كونها مخالفة للنهي. وهذا بخلاف ما لو كانت الصحة خارجة عن معناها، فإنه على هذا لا يلزم محذور.
والجواب ان مدعى الوضع للصحيح لا يدعى انها موضوعة للصحيح من جميع الجهات، حتى من الجهات الطارئة، كالنذر وشبهه، بل يدعى أنها موضوعة للصحيح من حيث الجهات الراجعة إلى نفسها [45] ولو فرض انه يدعى ان الموضوع هو الصحيح الفعلي حتى من الجهات الطارئة، فله ان يجيب بان نذر الناذر في المقام قرينة على عدم إرادة هذا المعنى، إذ ليس المعنى المأخوذ فيه الصحة من جميع الجهات قابلا للنهي ولو فرضنا أن الناذر قصد هذا المعنى في نذره، نلتزم بعدم انعقاده لعدم صحة تعلق النهى بالفعل المذكور.
واستدل للصحيحي - مضافا إلى دعوى التبادر وصحة السلب من الفاسد - بالاخبار الظاهرة في اثبات بعض الخواص والآثار لحقيقة الصلاة والصوم، مثل قوله (ع): (الصلاة عمود الدين، أو انها معراج
____________________
[45] الانصاف: أن الدعوى المذكورة خلاف الواقع، والا فيمكن أن يدعى أنها موضوعة للصحيح من حيث الاجزاء والشرائط لا من حيث الموانع، أو التفصيل بين الجزاء والشرائط أيضا.