وأما لو كان ورود أحدهما بعد مضى زمان العمل بالأول، فان كان المقدم خاصا، فالعام المتأخر يمكن ان يكون ناسخا له، ويمكن أن يكون الخاص المقدم مخصصا للعام. وتظهر الثمرة في العمل بعد ورود العام، فإنه على الأول على العام، وعلى الثاني على الخاص. والظاهر أيضا البناء على التخصيص لشيوعه وندرة النسخ.
وأما لو كان المقدم عاما والمؤخر خاصا، فيشكل الحمل على التخصيص من حيث استلزام ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو وإن لم يكن محالا من جهة امكان وجود مصلحة في ذلك، لكنه بعيد نظير النسخ قبل حضور وقت العمل. واشكل من ذلك حمل الخاص الوارد - في اخبار الأئمة عليهم السلام - المتأخر عن العام على النسخ مع كثرته. وكذلك حال المقيدات الواردة في كلامهم عليهم السلام بالنسبة المطلقات، فان الالتزام بالنسخ في جميع هذه الموارد الكثيرة في غاية الاشكال [232].
نعم حمل الخاص المتأخر عن العام - في كلام النبي صلى الله عليه وآله - على النسخ ليس ببعيد، فيرجح على التخصيص، لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلا محيص عن حمل الخاص المتأخر - في كلام
____________________
[232] بل الظاهر أن النسخ كان عند الأئمة (سلام الله عليهم) شيئا منكرا يستوحشون منه، ولذا قال (سلام الله عليه): فهل سنة غيرتها أم شريعة؟ وأيضا لو كان النسخ عند البعض منهم جائزا، لكان عند الكل جائزا. وهذا لا يصح اسناده إليهم عليهم السلام.