ما كان عليه وقع الكلام في أن الساقط عند المزاحمة هل هو أصل الامر بالمهم أو اطلاقه (ذهب) المحقق الثاني (قده) وجملة ممن تأخر عنه ومنهم سيد أساتيذنا المحقق العلامة الشيرازي قدس الله اسرارهم إلى الثاني ولاجله التزموا ببقاء الامر بالمهم أيضا حال المزاحمة مشروطا بعصيان الامر بالأهم ومترتبا عليه (وذهب) بعضهم ومنهم العلامة الأنصاري والمحقق صاحب الكفاية قدس سرهما إلى الأول والحق ما ذ هب إليه المحقق الثاني (قده) ولا بد لتحقيق ذلك من تقديم مقد مات الأولى في بيان أمرين (الأول) أن الفعلين المتضادين إذا كان التكليف بكل منهما أو بخصوص أحدهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الاخر فلا محالة يكون التكليفان المتعلقان بهما طوليين لا عرضيين وبعبارة واضحة لا يلزم من الطلبين كذ لك طلب الجمع بين الضدين لأنه إذا فرضنا امكان الجمع بين متعلقي الطلبين كذلك في حد ذاتهما كدخول المسجد وقرائة القرآن ومع ذلك كان الطلبان بنحو الترتب بأن يكون طلب أحدهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الاخر امتنع وقوعهما في الخارج على صفة المطلوبية ولذا لو اتى المكلف بهما بعنوان المطلوبية لكان ذلك تشريعا فيستكشف من ذلك أن نفس ترتب الخطابين يمنع تحقق طلب الجمع بين متعلقهما وبالجملة اجتماع الطلبين في زمان واحد انما يستلزم طلب الجمع بين المتعلقين فيما إذا كان كل منهما في عرض الاخر بأن يكون مطلقا بالإضافة إلى الاتيان بمتعلق الاخر وعدمه واما إذا فرضنا اشتراط أحدهما بعدم الاتيان بمتعلق الاخر لم يعقل أن تكون نتيجة الطلبين طلب الجمع بين المتعلقين وسيجيئ لذلك مزيد توضيح انشاء الله تعالى (الثاني) انه في فرض عدم قدرة المكلف على امتثال التكليفين الموجب لوقوع التزاحم بينهما وإن كان لابد من رفع اليد عما به يرتفع التزاحم لاستحالة التكليف بغير المقدور عقلا الا أنه لا مناص حينئذ من الاقتصار على ما يرتفع به التزاحم المزبور واما الزائد عليه فيستحيل سقوطه فإنه بلا موجب (ومن ثم) وقع الكلام في أن الموجب للتزاحم هل هو اطلاق الخطابين ليكون الساقط هو اطلاق خطاب المهم فقط دون أصل خطابه مشروطا بعدم الاتيان بالأهم ومترتبا عليه لان سقوطه بلا موجب كما عرفت أوان الموجب له نفس فعلية الخطابين ليسقط خطاب المهم من أصله ويترتب على ذلك ما ذكرناه سابقا من أن التزاحم إذا كان ناشئا من فعلية الخطابين فلا بد من سقوطهما
(٢٨٦)