فليس في الخطاب بالنسبة إليهما إطلاق وتقييد مطلقا، ولكن مع ذلك يكون الخطاب محفوظا بالاقتضاء الذاتي في كلتا الحالتين ما لم يتحقق العصيان والطاعة.
والفرق بين هذا القسم والسابقين من وجهين:
الوجه الأول: أن نسبة تلك التقادير السابقة إلى الخطاب نسبة العلة إلى المعلول، لمكان رجوعها إلى قيود الموضوع، وهي تتقدم على الحكم تقدم العلة على المعلول، والاطلاق - أيضا - يجري مجرى العلة، من حيث إن الاطلاق والتقييد في رتبة واحدة، فالاطلاق في رتبة علة الحكم، وهذا بخلاف تقديري فعل المتعلق وتركه، فإن التقدير معلول الخطاب، لان الخطاب يقتضي فعل المتعلق وطرد تركه.
الوجه الثاني: أن الخطاب في التقادير السابقة يكون متعرضا لبيان أمر آخر غير تلك التقادير، غايته أنه تعرض لوجوده عند وجودها، وهذا بخلاف تقديري الفعل والترك، فإن الخطاب بنفسه متكفل لبيان هذا التقدير، حيث إنه يقتضي فعل المتعلق وعدم تركه.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه يترتب على ما ذكرناه طولية الخطابين، وذلك لان خطاب الأهم يكون متعرضا لموضوع خطاب المهم، و مقتضيا لهدمه ورفعه تشريعا، لان موضوع خطاب المهم هو عصيان خطاب الأهم، فالأهم يقتضي طرد موضوع المهم، والمهم لا يتعرض لموضوعه، وليس بينهما مطاردة، وليسا في رتبة واحدة، بل خطاب الأهم مقدم على خطاب المهم برتبتين أو ثلاث،