إبراهيم وآل عمران على العالمين) * (آل عمران: 33). وقال في إبراهيم: * (ولقد اصطفيناه في الدنيا) * (البقرة: 130). وقال في موسى: * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) * (الأعراف: 144). وقال: * (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) * (ص: 45 - 47). فكل هذه الآيات دالة على كونهم موصوفين بالاصطفاء والخيرية، وذلك ينافي صدور الذنب عنهم. عاشرها: أنه تعالى حكى عن إبليس قوله: * (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) * (ص: 82 - 83)، فاستثنى من جملة من يغويهم المخلصين وهم الأنبياء عليهم السلام. قال تعالى في صفة إبراهيم وإسحاق ويعقوب: * (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) * (ص: 46) وقال في يوسف: * (إنه من عبادنا المخلصين) * (يوسف: 24)، وإذا ثبت وجوب العصمة في حق البعض ثبت وجوبها في حق الكل لأنه لا قائل بالفرق. والحادي عشر: قوله تعالى: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) * (سبأ: 20)، فأولئك الذين ما اتبعوه وجب أن يقال: إنه ما صدر الذنب عنهم إلا فقد كانوا متبعين له، وإذا ثبت في ذلك الفريق أنهم ما أذنبوا فذلك الفريق إما الأنبياء أو غيرهم، فإن كانوا هم الأنبياء فقد ثبت في النبي أنه لا يذنب وإن كانوا غير الأنبياء فلو ثبت في الأنبياء أنهم أذنبوا لكانوا أقل درجة عند الله من ذلك الفريق، فيكون غير النبي أفضل من النبي، وذلك باطل بالاتفاق فثبت أن الذنب ما صدر عنهم. الثاني عشر: أنه تعالى قسم الخلق قسمين فقال: * (أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) * وقال في الصنف الآخر، * (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) * (المجادلة: 22) ولا شك أن حزب الشيطان هو الذي يفعل ما يرتضيه الشيطان، والذي يرتضيه الشيطان هو المعصية، فكل من عصى الله تعالى كان من حزب الشيطان، فلو صدرت المعصية من الرسول لصدق عليه أنه من حزب الشيطان ولصدق عليه أنه من الخاسرين ولصدق على زهاد الأمة أنهم من حزب الله وأنهم من المفلحين، فحينئذ يكون ذلك الواحد من الأمة أفضل بكثير عند الله من ذلك الرسول، وهذا لا يقوله مسلم. الثالث عشر: أن الرسول أفضل من الملك فوجب أن لا يصدر الذنب من الرسول، وإنما قلنا أنه أفضل لقوله تعالى: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) * (آل عمران: 33)، ووجه الاستدلال به قد تقدم في مسألة فضل الملك على البشر وإنما قلنا إنه لما كان كذلك وجب أن لا يصدر الذنب عن الرسول لأنه تعالى وصف الملائكة بترك الذنب فقال: * (لا يسبقونه بالقول) * (الأنبياء: 27). وقال: * (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) * (التحريم: 6)، فلو صدرت المعصية عن الرسول لامتنع كونه أفضل من الملك لقوله تعالى: * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) * (ص: 28).
الرابع عشر: روي أن خزيمة بن ثابت شهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم على وفق دعواه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف شهدت لي " فقال: يا رسول الله إني أصدقك على الوحي النازل عليك من فوق سبع سماوات أفلا أصدقك في هذا القدر؟ فصدقه رسول الله صلى الله عليه