العمل حتى صار هو العمل بذاته.
فابن نوح كان كذلك، فقد جالس رفقاء السوء وغاص في أعمالهم السيئة وأفكارهم المنحرفة، بحيث كأن وجوده تبدل إلى عمل غير صالح!..
فعلى هذا.. وإن كان التعبير المقدم موجزا ومختصرا جدا، إلا أنه يعبر عن حقيقة مهمة في ابن نوح!.
أي لو كان هذا الظلم والانحراف والفساد في وجود ابن نوح سطحيا لكانت الشفاعة في حقه ممكنة، ولكنه أصبح غارقا في الفساد والانحراف، فليس للشفاعة هنا محل، فدع الكلام فيه يا نوح!..
وما يراه بعض المفسرين من أن كنعان لم يكن ابن نوح حقيقة، أو أنه كان ابنا غير شرعي، أو أنه ابن شرعي من زوجته عن رجل آخر، بعيد عن الصواب لأن قوله: إنه عمل غير صالح في الواقع علة لقوله: إنه ليس من أهلك أي إنما نقول لك إنه ليس من أهلك فلأنه انفصل عنك بعمله وإن كان الرباط النسبي لا يزال قائما..
3 2 - دائرة الوعد الإلهي مع ملاحظة ما ورد في الآيات المتقدمة من خطاب نوح لربه وما أجابه الله به، ينقدح هذا السؤال وهو: كيف لم يلتفت نوح إلى أن ابنه كنعان كان خارج دائرة الوعد الإلهي؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال - كما أشرنا آنفا - أن هذا الابن لم تكن له طريقة واحدة معروفة، فتارة تراه مع المؤمنين وأخرى مع الكفار، مما يوهم أنه مؤمن. بالإضافة إلى الإحساس بالمسؤولية الكبرى التي كان نوح يجدها في نفسه بالنسبة إلى ولده، كذلك المحبة والعلاقة الطبيعية التي يجدها كل أب بالنسبة لابنه، والأنبياء غير مستثنين من هذا القانون، كل ذلك كان سببا في أن يطلب نوح من