(أمرد)، وشجرة مرداء، أي خالية من أي ورقة، والمارد هو الشخص العاصي الذي خرج على القانون وعصاه كلية.
وقال بعض المفسرين وأهل اللغة: إن هذه المادة تأتي بمعنى (التمرين) أيضا.
(ذكر في تاج العروس والقاموس أن التمرين واحد من معاني هذه الكلمة). وربما كان ذلك، لأن التجرد المطلق من الشئ، والخروج الكامل من هيمنته لا يمكن تحققه بدون تمرين وممارسة.
على كل حال، فإن هؤلاء المنافقين قد انسلخوا من الحق والحقيقة، وتسلطوا على أعمال النفاق إلى درجة أنهم كانوا يستطيعون أن يظهروا في مصاف المؤمنين الحقيقين، دون أن ينتبه أحد إلى حقيقتهم ومراوغتهم.
إن هذا التفاوت في التعبير عن المنافقين الداخليين والخارجيين في الآية يلاحظ جليا، وربما كان ذلك إشارة إلى أن المنافقين الداخليين أكثر تسلطا على النفاق، وبالتالي فهم أشد خطرا، فعلى المسلمين أن يراقبوا هؤلاء بدقة، لكن يجب أن لا يغفلوا عن المنافقين الخارجين، بل يراقبونهم أيضا. لذلك تقول الآية مباشرة بعد ذلك لا تعلمهم نحن نعلمهم ومن الطبيعي أن هذا إشارة العلم الطبيعي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن هذا لا ينافي أن يقف كاملا على أسرارهم عن طريق الوحي والتعليم الإلهي.
وفي النهاية تبين الآية صورة العذاب الذي سيصب هؤلاء: سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم.
لا شك أن العذاب العظيم إشارة إلى عذاب يوم القيامة، إلا أن بين المفسرين نقاشا واحتمالات عديدة في نوعية العذابين الآخرين وماهيتهما. إلا أن الذي يرجحه النظر أن واحدا من هذين العذابين هو العقاب الاجتماعي لهؤلاء، والمتمثل في فضيحتهم وهتك أسرارهم، والكشف عما في ضمائرهم من خبيث النوايا، وهذا يستتبع خسرانهم لكل وجودهم الاجتماعي، والدليل على ذلك ما