وبكوا بكاء مرا لهذا الحرمان.
لا شك أن الفئة الرابعة لا تفترق عن الفئة الثالثة المذكورة في الآية ولكنهم لهذه الحالة الخاصة من العشق، ولامتيازهم بها عن السابقين، ولتكريمهم جسمت الآية وضعهم بصورة مستقلة ضمن نفس الآية، وكانت خصائصهم هي:
أولا: إنهم لم يقتنعوا بعدم ملكهم لمستلزمات الجهاد، فحضروا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طمعا في الحصول عليها، وأصروا عليه إصرارا شديدا في تهيئتها إن أمكنه ذلك.
ثانيا: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما اعتذر عن تلبية طلبهم لم يكتفوا بعدم الفرحة بذلك، بل انقلبوا بهم وحزن فاضت دموعهم بسببه، ولهاتين الخصلتين ذكرهم الله سبحانه وتعالى مستقلا في الآية.
أما آخر الآية فتبين وضع الفئة الخامسة، وهم الذين لم يعذروا، ولن يعذروا عند الله تعالى، فإنهم قد توفرت فيهم كل الشروط، ويملكون كل مستلزمات الجهاد، فوجب عليهم حتما، لكنهم رغم ذلك يحاولون التملص من أداء هذا الواجب الإلهي الخطير، فجاؤوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلبون الإذن في الانصراف عن الحرب، فبينت الآية أنهم سيؤاخذون بتهربهم ويعاقبون عليه: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء.
وتضيف الآية بأن هؤلاء يكفيهم عارا وخزيا أن يرضوا بالبقاء مع العاجزين والمرضى رغم سلامتهم وقدرتهم، ولم يهتموا بأنهم سيحرمون من فخر الاشتراك في الجهاد: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. وكفى به عقابا أن يسلبهم الله القدرة على التفكر والإدراك نتيجة أعمالهم السيئة هذه، ولذلك أبغضهم الله وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون.
* * *