فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) (146) آية بلا خلاف المعنى:
أخبر الله تعالى عن أهل الكتاب أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وآله كما يعرفون أبناءهم، وأن جماعة منهم يكتمون الحق مع علمهم بأنه حق. وقيل في الحق الذي كتموه قولان:
أحدهما - قال مجاهد: كتموا محمدا صلى الله عليه وآله ونبوته، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
والثاني - قال الربيع: انهم كتموا أمر القبلة. وقوله (وهم يعلمون) يحتمل أمرين:
أحدهما - يعلمون صحة ما كتموه. والثاني - يعلمون ما لمن دفع الحق من العقاب والذم.
و (الهاء) في قوله: (يعرفونه) عائدة - في قول ابن عباس، وقتادة، والربيع - على أن أمر القبلة حق. وقال الزجاج هي عائدة على أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وآله وصحة أمره، وثبوت نبوته، وإنما قال: (وان فريقا منهم ليكتمون الحق) وفي أول الآية قال: (يعرفونه) على العموم، لان أهل الكتاب منهم من أسلم وأقر بما يعرف فلم يدخل في جملة الكاتمين. كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، وغيرهما ممن دخل في الاسلام.
والعلم والمعرفة واحد. وحده ما اقتضى سكون النفس. وإن فصلت، قلت: هو الاعتقاد للشئ على ما هو به مع سكون النفس. وفصل الرماني بين العلم والمعرفة، بأن قال: المعرفة هي التي يتبين بها الشئ من غيره على جهة التفصيل. والعلم قد يتميز به الشئ على طريق الجملة دون التفصيل كعلمك بان زيدا في جملة العشرة. وإن لم تعرفه بعينه وإن فصلت بين الجملة التي هو فيها، والجملة التي ليس هو فيها. وهذا غير صحيح