وأما التأويل الأول، فلا يجوز إلا أن يجعل " كفر به " يعني بالمسجد الحرام، انتهاك حرمته. وقال: والتأويل الأول أجود.
وهذا القتال في الشهر الحرام هو ما عابه المشركون على المسلمين، من قتل عبد الله بن جحش، وأصحابه عمر بن الحضرمي، لما فصل من الطائف، في عير - في آخر جمادى الاخر - وأخذهم العير، وهو أول من قتل من المشركين - فيما روي، وأول فئ أصابه المسلمون.
وأما قوله تعالى: " والمسجد الحرام " فقال الفراء: إنه محمول على قوله:
يسألونك عن القتال، وعن المسجد الحرام هذا لفظه. قال أبو علي الفارسي: وهذا أيضا يمتنع، لأنه لم يكن السؤال عن المسجد الحرام، وإنما السؤال عن قتال ابن جحش الحضرمي وأصحابه الذين عابهم المشركون وعيروهم، فقالوا إنكم استحللتم الشهر الحرام، وهو رجب بقتلهم فيه، فكان السؤال عن هذا، لاعن المسجد الحرام وإذا لم يجز هذا الوجه، لم يجز حمله على المضمر المجرور، لان عطف المظهر على المضمر غير جائز، لأنه ضعيف جدا، فيكون محمولا على الضمير في به، لان المعنى ليس على كفر بالله أو بالنبي صلى الله عليه وآله، والمسجد، فثبت (1) أنه معطوف على (عن) من قوله: " وصد عن سبيل الله والمسجد الحرام "، لان المشركين صد والمسلمين عنه، كما قال: " إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام "، (2) فكما أن المسجد الحرام محمول في هذه الآية على (عن) المتصلة بالصد - بلا إشكال - كذلك في هذه الآية، وهو قول أبي العباس، أيضا قال الرماني: ما ذكره الفراء، واختاره الحسن ليس يمتنع، لان القوم لما استعظموا القتال في الشهر الحرام، وكان القتال عند المسجد الحرام يجري مجراه في الاستعظام جمعوها لذلك في السؤال، وإن كان القتال إنما وقع في الشهر الحرام خاصة، كأنهم قالوا: قد استحللت الشهر الحرام، والمسجد الحرام. وظاهر الآية يدل على أن القتال في الشهر الحرام كان محرما لقوله: