ترجيا، وارتجى ارتجاء، والرجا - مقصورا - ناحية كل شئ، ويثنى رجوان وجمعه أرجاء، ومنه أرجاء البئر نواحيه، وقوله تعالى " مالكم لا ترجون لله وقارا (1) أي لا تخافون، قال أبو ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها * وخالفها في بيت نوب عواسل (2) أي لم يخف، وذلك أن الرجاء للشئ الخوف من أن لا يكون، فلذلك سمي الخوف باسم الرجاء، وأصل الباب الامل، وهو ضد اليأس.
المعنى:
وفي الآية دلالة على أن من مات مصرا على كبيرة لا يرجو رحمة الله لامرين:
أحدهما - أن ذلك دليل الخطاب، وذلك غير صحيح عند أكثر المحصلين.
والثاني - أنه قد يجتمع - عندنا - الايمان والهجرة والجهاد مع ارتكاب الكبيرة، فلا يخرج من هذه صورته عن تناول الآية له، وإنما ذكر المؤمنين برجاء الرحمة وإن كانت هي لهم لا محالة، لأنهم لا يدرون ما يكون منهم من الإقامة على طاعة الله أو الانقلاب عنها إلى معصيته، لأنهم لا يدرون كيف تكون أحوالهم في المستقبل. وقال الجبائي: لأنهم لا يعلمون أنهم أدوا كما يجب لله عليهم، لان هذا العلم من الواجب، وهم لا يعلمونه إلا بعلم آخر، وكذلك سبيل العلم في أنهم لا يعلمونه إلا بعلم غيره، وهذا يوجب أنهم لا يعلمون إذا كما يجب لله عليهم. وقال ابن الاخشاد: لأنه لا يتفق للعبد التوبة من كل معصية، واستدل على ذلك باجماع الأمة على أنه ليس لأحد غير النبي صلى الله عليه وآله. ومن شهد له عليه، فلا.
ويمكن في الآية وجه آخر - على مذهبنا - وهو أن يكون رجاءهم لرخصة الله في غفران معاصيهم التي لم يتفق لهم التوبة عنها، واخترموا دونهم، فهم يرجون أن يسقط الله عقابها عنهم تفضلا. فأما الوجه الأول، فإنما يصح على مذهب من