أبو علي لا يكون إلا ثوابا، لان من أجابه الله، يستحق المدح في دين المسلمين، فلا يجوز أن يجيب كافرا، ولا فاسقا. وكان أبو بكر بن الاخشاد يخبر ذلك في العقل على وجه الاستصلاح له. وهذا الوجه أقرب إلى الصواب.
والدعاء: طلب الطالب للفعل من غيره. ويكون الدعاء لله على وجهين:
أحدهما - طلب في مخرج اللفظ، والمعنى على التعظيم والمدح، والتوحيد:
كقولك: يا الله لا إله إلا أنت، وقولك: ربنا لك الحمد.
الثاني - الطلب لأجل الغفران أو عاجل الانعام كقولك: اللهم اغفر لي وارحمني، وارزقني، وما أشبه ذلك.
وقوله: " فاني قريب " قيل في معناه قولان:
أحدهما - إني قريب الإجابة: سريع الإجابة، فجاز ذلك لمشاكلة معنى قريب لسريع.
الثاني - قريب -، لأنه يسمع دعاءهم كما يسمعه القريب المسافة منهم، فجاز لفظة قريب، فحسن البيان بها. فأما قريب المسافة، فلا يجوز عليه تعالى، لأنه من صفات المحدثات.
اللغة:
وقوله " أجيب دعوة الداعي إذا دعاني " فالإجابة من الجواب، وهو القطع.
يقال: جاب البلاد يجوب جوبا إذا قطع. ومنه قوله تعالى: " وثمود الذين جابوا الصخر بالواد " (1) أي قطعوه. وأجاب الله دعاءه إجابة، وأجاب فلان عن السؤال جوابا. وأجاب الظلام إذا قطعه. واستجاب له استجابة. وجاوبه مجاوبة، وتجاوب تجاوبا، وانجاب السحاب: إذا انقشع. وأصل الباب القطع، فإجابة السائل:
القطع مما سأل، لان سؤاله على الوقف أيكون أم لا يكون.