واحتج هذا القائل يعني أبا حنيفة بقوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا ثم قال وهذا منقوض بالثناء مع أنه تطوع والقراءة فرض فأوجب عليه الانصات بتر ك فرض ولم يوجبه بترك سنة فحينئذ يكون الفرض عنده أهون حالا من التطوع واعترضه أيضا بفرع وهو أن المصلي لو جاء والامام في الركعة الأولى من الفجر فإنه يصلي عنده ركعتي الفجر ويترك الاستماع والانصات مع أنه عليه السلام قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة قال ويقال له أرأيت إذا لم يجهر الامام أيقرأ خلفه فان قال لا فقد بطل دعواه لان الاستماع إنما يكون لما يجهر به ثم ذكر عن بن عباس من غير سند فاستمعوا له وأنصتوا قال في الخطبة ثم قال ولو أريد به في الصلاة فنحن نقول إنما يقرأ خلف الامام عند سكوته وقد روى سمرة قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان سكتة حين يكبر وسكتة حين يفرغ من قراءته قال وكان أبو سلمة بن عبد الرحمن وميمون بن مهران وسعيد بن جبير وغيرهم يرون القراءة عند سكوت الامام عملا بقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب والانصات إذا قرأ الامام عملا بالآية قال واحتج أيضا بقوله عليه السلام من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة قال وهذا حديث لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز والعراق لارساله وانقطاعه أما إرساله فرواه عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما انقطاعه فرواه الحسن بن صالح عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر ولا يدرى أسمع جابر من أبي الزبير أم لا قال ولو ثبت فتكون الفاتحة مستثناة منه أي من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة بعد الفاتحة كما قال صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وقال في حديث آخر إلا المقبرة مع انقطاعه قال ونظير هذا قوله عليه السلام لسليك الغطفاني حين جاء وهو يخطب قم فاركع مع أنه أمر بالانصات للخطبة فقال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ولكنه أخرج الصلاة من هذا الاطلاق قال واحتج أيضا بخبر روى عن داود بن قيس عن بن نجاد رجل من ولد سعد عن سعد قال وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة قال وهذا مرسل فإن بن نجاد لم يعرف ولا سمي قال واحتج أيضا بحديث رواه أبو حباب عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم قال قال عبد الله وددت أن الذي يقرأ خلف الامام ملئ فوه نتنا قال وهذا مرسل لا يحتج به وخالفه بن عوان عن إبراهيم عن الأسود وقال رضفا وهذا كله ليس من كلام أهل العلم لوجهين أحدهما قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بالنار ولا تعذبوا بعذاب الله فكيف يجوز
(٢٦)