ما دل عليه بعض الأخبار الصحيحة قلت الذي افهم من الخبر عدم حصول الانتقاض بالشك في ثبوت ما وجد كونه حدثا ولا يدخل فيه الشك في حدثية ما يتقن وجوده وبالجملة الشك في المسألة ليس مقصورا فيه وسيجيئ لهذا زيادة بيان في بعض نظائر هذه المسألة وبما ذكرنا يعلم أن اليقين ببراءة الذمة من التكليف الثابت يقتضى ايجاب الوضوء في الصورة المذكورة لما ثبت من اشتراط الصلاة بالطهارة والشك في بقائها في الصورة المذكورة فتدبر واعلم أن الظاهر على القول باعتبار الاعتناد فيما خرج من غير المخرجين النظر إلى العرف لأنه المقول في أمثال هذه الأمور وحدده بعض الأصحاب بالمرتين وهو غير ثابت وقياسه على الحيض فاسد وفى نقض الخارج لا على وجه الانفصال بان تخرج المقعدة ملطخة بشئ من الغائط وجهان والتقييد بالمعتاد يخرج الريح إذا كان من الذكر وكذا من قبل المرأة وهو اختيال المصنف في المنتهى وفى التذكرة حكم بنقض الخارج من قبل المراة لأنه له طريقا إلى الجوف وفاقا للمعتبر والتعليل ضعيف والمسألتان محل التردد لعدم النص والنوم الغالب على الحاستين وهما السمع والبصر غلبة معطلة لهما لا مطلق الغلبة والمعتبر في الغلبة التحقيقة عند السلامة من الآفة والتقديرية مع عدمها والظاهر أن القول ببطلان الوضوء بالنوم في الجملة اجماعي نسبه المحقق في المعتبر إلى علمائنا أجمع والمشهور بطلان الوضوء به مطلقا ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة عليه ونقل في التهذيب اجماع المسلمين على بطلان الوضوء بالنوم الغالب من غير استفصال وذكر ابن بابويه في كتابه خبرا عن سماعة انه سئل الرجل يخفق رأسه وهو في الصلاة قائما أو راكعا فقال ليس عليه وضوء ورواية أخرى مرسلة عن الكاظم عليه السلام انه سئل عن الرجل يرقد وهو قاعد قال لا وضوء عليه ما دام قاعدا لم ينفرج قال في المختلف فإن كان هاتان الروايتان مذهبا له فقد صارت المسألة خلافية والظاهر أن الروايتين مذهب له بناء على ما قرره في أول الكتاب ولهذا نسب في المعتبر والتذكرة إلى ابن بابويه أنه قال إن النوم ليس بناقض إذا كان قاعدا لم ينفرج ونقل في المختلف عن علي بن بابويه انه لم يعد النوم في النواقض والأول أقرب لنا ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام ما ينقض الوضوء فقال ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر من الغائط والبول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وكل النوم يكره الا أن تكون تسمع الصوت وعن زرارة في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم وعن زرارة في الصحيح قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء قلت فان خرك إلى جنبه شئ ولم يعلم به قال لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين والا فإنه على يقين من وضوء به ولا ينقض اليقين ابدا بالشك ولكن ينقضه بيقين اخر وروى الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفقة والخفقتين فقال ما أدرى ما الخفقة والخفقتان ان الله يقول بل الانسان على نفسه بصيرة ان عليا عليه السلام كان يقول من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب عليه الوضوء قال الجوهري خفق الرجل أي حرك رأسه وهو ناعس وفى الحديث كانت كانت رؤوسهم يخفق خفقة أو خفقتين وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل هل ينقض وضوءه إذا نام وهو جالس قال إن كان يوم الجمعة في المسجد فلا وضوء عليه وذلك أنه في حال ضرورة وذكر الشيخ ان الخبر محمول على عدم التمكن من الوضوء وان عليه حينئذ التيمم قال لان ما ينقض الوضوء لا يختص بيوم الجمعة والوجه فيه انه يتيمم ويصلى فإذا انقض الجميع توضأ وأعاد الصلاة لأنه انما يقدر على الخروج من الرحمة قال بعض الأصحاب وفيما ذكره رحمه الله بعد ولعل الوجه في ذلك مراعاة التقية بترك الخروج للوضوء في تلك الحال أو عدم تحقق القدر الناقض من النوم مع رجحان احتماله بحيث لو كان في غير الموضع المقروض لحسن الاحتياط بالإعادة وحيث انه في حال ضرورة فالاحتياط ليس بمطلوب منه وعن عبد الله ابن المغيرة ومحمد بن عبد الله قال سألنا الرضا عليه السلام عن الرجل ينام على دابته فقال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وفى سند هذه الرواية كلام مر ذكره في مثله في غسل الجمعة وروى ابن بابويه عن زرارة في الصحيح انه سئل أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام عما ينقض الوضوء فقالا ما خرج من طرفيك الأسفلين الذكر والدبر من غائط أو بول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وروى الشيخ عن عبد الحميد بن عواض في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء وروى الشيخ عن زيد الشحام في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفقة والخفقتان ان الله تعالى يقول بل الانسان على نفسه بصيرة ان عليا عليه السلام كان يقول من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء وتدل عليه صحيحة معمر بن خلاد المذكورة في المسألة الآتية ومما يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عبد الله الأشعري في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث وأورد على هذا الحديث اشكال وهو ان صورته بحسب الظاهر قياس من الشكل الثاني والمقدمة الأولى منه مركبة من مقدمتين إحديهما لا ينقض الوضوء شئ غير الحدث والثانية ينقض الوضوء حدث وانضمام شئ منهما مع الكبرى لا ينتج إذ على الأول لا يتكرر الأوسط والثاني لا تفيد الموجبتين في الشكل الثاني ويمكن ان يقال ليس المراد بالحدث في المقدمة الأولى حدثا معينا ولا حدثا ما وإن كان ظاهره ذلك مع قطع النظر عن خصوص المقام بل يراد بمعاونة المقام الحدث أي حدث كان على سبيل العموم كما يقال لأحب الا عالما ولا أبغض الا جاهلا ومنه قوله تعالى علمت نفس ما قدمت وأخرت فيصير في قوة قولنا كل حدث ناقض فينضم إلى الكبرى وينتظم منه قياس على الشكل الرابع ويعكس ويصير من الشكل الأول وليس الترتيب ملحوظا بل الغرض الإشارة إلى المقدمتين من غير ترتيب فعلى يكون هذا الكلام مسوما لبيان ناقضية النوم ويمكن ان يقال الغرض المطلوب أولا وبالذات بهذا الحديث نفى النقض عما ليس بحدث نحو اللمس والقيئ والقهقهة كما تقوله جمع من العامة فحكم عليه السلام بنفي النقض عما ليس بحدث ولما لم يكن اسم الحدث واضح الصدق على النوم في اللغة والعرف مع أنه من الأمور الناقضة للوضوء صرح باطلاقه عليه والمقتضى لهذا التصريح إما دفع توهم عدم النقض به من ظاهر الحصر واما الجواب عن سؤال يرد على الحصر وهو ان النوم ناقض وهو خارج عن الحصر بحسب الظاهر وذكر المصنف في المختلف ان كل واحد من الاحداث فيه جهتا اشتراك وامتياز وما به الاشتراك وهو مطلق الحدث مغاير لما به الامتياز وهو خصوصية كل واحد من الاحداث ولا شك في أن تلك الخصوصية ليست باحداث والا كان ما به الاشتراك داخلا فيما به الامتياز وذلك يوجب التسلسل وإذا انتفى الحدثية عن المميزات لم يكن لها مدخل في النقض وانما يستند النقض إلى المشترك الوجود في النوم على ما حكم به في المقدمة الثانية ووجود العلة يستلزم وجود المعلول فثبت النقض في النوم وهو المراد ويرد عليه ان انتفاء الحدثية عن المميز مسلم لا عن الامر المميز أي الفرد فقوله إذا انتفى الحدثية عن المميزات لم يكن لها مدخل في النقض ممنوع وكذا قوله وانما يستند النقض إلى المشترك الموجود في النوم كيف وصدق الأحكام الشرعية على الطبائع الكلية باعتبار وجودها في الخارج متحدة مع افرادها فيكون للخصوصيات مدخل فيما يصدق على الكلى والأخبار الدالة على أن النوم ناقض للوضوء كثيرة واكتفينا بذكر الصحاح منها لحصول الكفاية بها واستدل عليه المصنف في المنتهى بالآية أيضا وذكر ان المفسرين اجمعوا على أن المراد بها إذا قمتم من النوم ونسبه الشيخ في الخلاف إلى المفسرين وروى الشيخ عن ابن بكير في الموثق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
(١٣)