عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم وفى بعض نسخ الكافي على الكعبين فان المراد بظاهر القدم ما إذ تقع منه فان الظواهر اشراف الأرض ويقال لما ارتفع وغلط من الأرض والعجب أنه لم يذكر الشهيدان هذه الرواية مع كونها أقوى ما ورد في هذا الباب ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن ميسر وهو ممدوح وقد وثقه علي بن الحسين على ما نقل الكشي عن أبي جعفر عليه السلام قال الوضوء واحد ووصف الكعب في ظهر القدم ورواه في موضع اخر بالاسناد عن ميسرة وثلاثة الوضوء واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم وعن ميسر في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال الا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب قال وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ثم قال إن هذا هو الظنوب ووجه التأييد ان الكعب بالمعنى الذي ذكره المصنف ليس على ظهر القدم فان المفصل بين شيئين خارج عنهما ويمكن المنازعة في الدلالة لكنهما يصلحان التأييد وجعل الفاضل الشارح مضمون الخبر من المتواترات عن أهل البيت عليهم السلام وفيه تأمل ويؤيد ما ذكرناه ما روى الشيخ عن زرارة في الحسن بن ثعلبة بن ميمون عن أبي جعفر عليه السلام ان عليا عليه السلام مسح على النعلين ولم يستبطن الشراكين قال الشيخ يعني إذا كانا عربيين لأنهما لا يمنعان من وصول الماء إلى الرجل بقد ما يجب فيه عليه المسح وما رواه زرارة وبكير ابني أعين في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وروى الكليني عن زرارة باسناد فيه ضعف عن أبي جعفر عليه السلام قال توضأ علي عليه السلام فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح على رأسه وعلى نعليه ولم يدخل يده تحت الشراك وعن زرارة وبكير في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام لا تدخل أصابعك تحت الشراك ولقائل أن يقول لم يثبت الاستيعاب الطولي فلا حجة فيها ويمكن ان يقال إن ثبت استحباب الاستيعاب الطولي كفى في دلالة الصحيحة المذكورة والحسنة المنقولة في الكافي لان الخبر فيها في قوة النهي وعلى كل تقدير فتلك الروايات حجة على المصنف إذ هو قائل بوجوب الاستيعاب الطولي لكن يستثنى المسح على النعل من هذا الحكم وبالجملة فتلك الروايات فيها تأييد ما والذي يؤيد ما (؟؟) كونه أقرب بحسب اللغة وأنسب باشتقاقه كما سنذكر والعجب أن المصنف في المنتهى فسره بما يوافق المشهور ونقل اتفاق الأصحاب عليه فان قلت قد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي جعفر عليه السلام انهما قالا له أصلحك الله فأين الكعبان قال هيهنا يعنى المفصل دون عظم الساق فقالا هذا ما هو قال عظم الساق وروى الكليني عن زرارة وبكير ابني أعين في الحسن بإبراهيم بن هاشم في اخر حديث طويل انهما سألا أبا جعفر عليه السلام قال فقلنا أين الكعبان قال ههنا يعنى المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك الحديث وهذان الخبران يدلان على مطلوب المصنف قلت إذا تعارض الخبران وكان أحدهما موافقا لعمل الأصحاب والاخر مخالفا فالترجيح لما عليه عمل الأصحاب فالترجيح لرواية ابن أبي نصر مع علو اسنادها وتأيدها بباقي الاخبار والشواهد اللغوية وغيرها كما ستسمع مع أن خبر الأخوين غير صريح في كون الكعب هو المفصل بل يدل على أنه قريب منه حيث قال هيهنا إذ فرق بينه وبين هذا وبالجملة تعيين التأويل في خبر الأخوين إما بان يقال إنه عليه السلام أشار بقوله هيهنا نحو ظهر القدم فاشتبه الامر على الراوي فتوهم كونه إشارة إلى المفصل إذ ظاهر ان إشارة القائم أو الجالس نحو قبة القدم لا يتميز عن الإشارة إلى المفصل حسبا فظن الراوي المفضل كعبا أو يقال إن غرض الراوي بكونه يعني المفصل ليس انه الكعب بل المراد ان الإشارة هيهنا كان نحو المفصل دون عظم الساق ولا ينافي كون الكعب شيئا اخر قريب منه لما في لفظة هيهنا من السعة أو انه عليه السلام أشار نحو المفصل فقال هيهنا من غير تعيين وكان الغرض مجرد نفي مذهب المخالفين إذا طلق المفصل على العظم الناتي للمجاورة مجازا ويحتمل على بعد أن يكون إشارة إلى مفصل اخر كالمفصل بين الأصابع والمشط أو المفصل من المشط والرسغ وبالجملة اطلاق المفصل على العظم الناتي محتمل ولهذا بعض العامة الموافق لنا في القول بان الكعب هو العظم الناتى في ظهر القدم يطلق عليه المفصل حكى عن صدر الشريعة من أفاضل العامة في رواية هشام عن محمد هو المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك لكن الأصح انها العظم الناتى التي ينتهى إليه عظم الساق انتهى فان قلت كيف استدل الشيخ في التهذيب والخلاف والمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى بخبر الأخوين على أن الكعب هو العظم الناتى قلت لعل غرضهم الاستدلال به على نفي مذهب المخالف على تعيين الكعب بخصوصه انا عرفت هذا فاعلم أن المصنف قال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة علمائنا اشتباه على غير المحصل فان الشيخ وأكثر الجماعة قالوا إن الكعبين هنا الناتيان في وسط القدم قاله الشيخ في كتبه قال السيد الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم عند معقد الشراك وقال أبو الصلاح هما معقد الشراك وقال المفيد رحمه الله هما قبة القدمين امام الساقين ما بين المفصل والمشط وقال ابن أبي عقيل الكعبين ظهر القدم وقال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب لنا ما رواه الشيخ وذكر رواية الأخوين ثم قال وما رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السلام وقد حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال ومسح على مقدم رأسه وظهر قدميه وهو يعطى استيعاب المسح لجميع ظهر القدم ولأنه أقرب إلى ما حده به أهل اللغة انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه الأول ان الظاهر من كلامه انه حمل عبارات الأصحاب على مدعاه مع أنه يأبى عنه غاية الاباء كما لا يخفى على المتدبر نعم عبارة ابن الجنيد تدل على مدعاه إن كان قوله وهو المفصل الذي قدام العرقوب من كلامه لا من كلام المصنف الا ان ذلك غير معلوم بل الامر بالعكس ومما يؤيد ذلك أن الشهيد رحمه الله حيث نقل العبارات لم ينقل هذه التتمة بعد نقل كلام ابن الجنيد ومخالفته لباقي الأصحاب في مثل هذه المسألة الاتفاقية بعيد الثاني ما ذكره خلاف ما ذهب إليه الأصحاب ونقلوا الاجماع عليه كما عرفت الثالث انه تنفيه الروايات السالفة واما خبر الأخوين فقد عرفت الجواب عنه الرابع احتجاجه بخبر زرارة حيث قال ومسح على مقدم رأسه وظهر قدميه بأنه يعطى الاستيعاب مدفوع لأنا لا نسلم ان المسح على الشئ معناه الاستيعاب سلمنا لكن قوله مسح على مقدم رأسه ليس بمعنى الاستيعاب فكذا المعطوف عليه إذ لو سلم انه ظاهر في الاستيعاب في نفسه لكن مع وجود ما ذكرنا ممنوع بقرينة المناسبة وتوافق اجزاء الكلام سلمنا لكن وجوب مسح ظهر القدم مستوعبا خلاف ما ينقلون عليه الاجماع وتدل عليه الاخبار فيلزم ان لا يحمل عليه سلمنا لكن مسحه عليه السلام لا يدل على الوجوب فلعله كان مبنيا على الاستحباب الخامس كون ذلك أقرب إلى ما حده به أهل اللغة ممنوع كيف وقد ذكر بعض علمائنا ان أهل اللغة هنا متفقون على أن الكعب هو الناتى في ظهر القدم حيث يعقد موضع الشراك بل هذا نسب باشتقاقه لأنه مأخوذ من كعب إذا ارتفع ومنه كعب ثدي الجارية إذا علايق كاعب إذ أنثى ثديها ومنه يقال الكعب لكل ما له ارتفاع وبه سميت الكعبة كعبة قال الهروي في الغريبين وبهذا احتجت العامة على أن الكعب هو الناتى عن الطرين والظاهر أن اطلاقه على العقبين الابنوبين بهذا الاعتبار قال الجوهري كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب وهذا المعنى ذكره صاحب القاموس حيث ذكر من جملة معاينه الكعب العظم الناشز فوق القدم وهو أحد احتمالي كلام الجوهري حيث قال الكعب العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم وقوله عند ملتقى الساق والقدم باعتبار قربه من الملتقى والاحتمال الآخران يكون المراد به المعنى المعروف عند العامة موافقا لكلام ابن الأثير
(٣٢)