فأمرهم فأخذوا برمتهم وحليهم ودخلوا على عمر، فقال الهرمزان لعمر: يا أمير المؤمنين!
قد علمت كيف كنا وكنتم إذ كنا على ضلالة جميعا، كانت القبيلة من قبائل العرب ترمي نشابة بعض أساورتنا فيهربون أرض البعيدة، فلما هداكم الله فكان معكم لم نستطع [أن] نقاتله، فرجع بهم أنس، فلما أمسى عمر أرسل إلى أنس أن اغد علي بأسراك أضرب أعناقهم، فأتاه أنس فقال: والله يا عمر ما ذاك لك، قال: ولم؟ قال: إنك قد قتلت للرجل: تكلم فلا بأس عليك، قال: لتأتيني على هذا ببرهان أو لأسوءنك، قال: فسأل أنس القوم جلساء عمر فقال: أما قال عمر للرجل (تكلم فلا بأس عليك) قالوا: بلى؟ فكبر ذلك على عمر، قال: أما رفع عمر يديه... فأخرجهم عني، فسيرهم إلى قرية يقال له (دهلك) في البحر، فلما توجهوا بهم رفع عمر يديه فقال: اللهم اكسرها بهم - ثلاثا، فركبوا السفينة فاندقت بهم وانكسرت، وكانت قريبة من الأرض فخرجوا، فقال رجل من المسلمين: لو دعا أن يغرقهم لغرقوا، ولكن إنما قال: (اكسرها بهم) قال: فأقرهم.
(2) حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن أنس: قال حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر، فبعث به أبو موسى معي، فلما قدمنا على عمر سكن الهرمزان ولم يتكلم، فقال له عمر: تكلم، فقال: أكلام حي أم كلام ميت؟ قال: تكلم فلا بأس، قال: إنا وإياكم معشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم، فانا كنا نقتلكم ونقصيكم، ولما أن كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان، فقال عمر: ما تقول يا أنس؟ قلت: يا أمير المؤمنين، تركت خلفي شوكة شديدة وعددا كثيرا، إن قتلته أيس القوم من الحياة وكان أشد لشوكتهم، وان استحييته طمع القوم، فقال: يا أنس أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور، فلما خشيت أن يبسط عليه قلت: ليس إلى قتله سبيل، فقال عمر: لم؟ أعطاك؟ أصبت منه؟
قلت: ما فعلت ولكنك قلت له (تكلم فلا بأس) قال: لتجيئن بمن يشهد أو لابد أن بعقوبتك، قال فخرجت من عنده فإذا أنا بالزبير قد حفظ ما حفظت، فشهده عنده فتركه وأسلم الهرمزان وفرض له.
(3) حدثنا غندر عن شهاب بن حبيب عن أبيه أنه غزا مع أبي موسى حتى إذا كان يوم قدموا تستر رمي الأشعري فصرع، فقمت من ورائه بالفرس حتى إذا أفاق قال:
كنت أول رجل من العرب أو قد في باب تستر نارا؟ قال: فلما فتحناها وأخذنا السبي قال أبو موسى: اختر من الجند عشرة رهط ليكونوا معك هذا السبي حتى نأتيك، ثم مضى وراء ذلك في الأرض حتى فتحوا ما فتحوا من الأرض ثم رجعوا عليه، فقسم أبو موسى