(28) علي بن إسحاق عن ابن مبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال أخبرني إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتني أم الدرداء أنه أغمي على أبي الدرداء فأفاق، فإذا بلال ابنه عنده، فقال: قم فاخرج عني، ثم قال: من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه؟ * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون) * قالت، ثم يغمى عليه فيلبث لبثا ثم يفيق فيقول مثل ذلك، فلم يزل يرددها حتى قبض.
(29) غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال حدثني تميم بن غيلان بن سلمة قال:
جاء رجل إلى أبي الدرداء وهو مريض فقال: يا أبا الدرداء! إنك قد أصبحت على جناح فراق الدنيا، فمرني بأمر ينفعني الله به، وأذكرك به، فقال: إنك من أمة معافاة، فأقم الصلاة وأد الزكاة إن كان لك مال، وصم رمضان واجتنب الفواحش، ثم أبشر، فأعاد الرجل على أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء مثل ذلك، فنفض الرجل رداءه ثم قال: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس) * إلى قوله:
* (ويلعنهم اللاعنون) * فقال أبو الدرداء: علي بالرجل، فجاء فقال أبو الدرداء: ما قلت؟
قال: كنت رجلا معلما، عندك من العلم ما ليس عندي، فأردت أن تحدثني بما ينفعني الله به، فلم ترد علي إلا قولا واحدا، فقال له أبو الدرداء: اجلس ثم اعقل ما أقول لك: أين أنت من يوم ليس لك من الأرض إلا عرض ذراعين في طول أربع أذرع، أقبل بك أهلك الذين كانوا لا يحبون فراقك وجلساؤك وإخوانك فأتقنوا عليك البنيان وأكثروا عليك التراب وتركوك لمثلك ذلك، وجاءك ملكان أسودان أزرقان جعدان، أسماهما منكر ونكير، فأجلساك ثم سألاك: ما أنت وعلى ماذا كنت؟ وما تقول في هذا الرجل؟
فإن قلت: والله ما أدري، سمعت الناس قالوا قولا فقلت قول الناس، فقد والله رديت وهويت، وإن قلت محمد رسول الله، أنزل الله عليه كتابه فآمنت به وبما جاء به فقد والله نجوت وهديت، ولن تستطيع ذلك إلا بتثبيت من الله مع ما ترى من الشدة والتخويف، ثم أين أنت من يوم ليس لك من الأرض إلا موضع قدميك، ويوم كان مقداره خمسين ألف سنة، الناس فيه قيام لرب العالمين، ولا ظل إلا ظل عرش رب العالمين، وأدنيت الشمس، فإن كنت من أهل الظل فقد والله نجوت وهديت، وإن كنت من أهل الشمس (11 / 28) سورة الأنعام من الآية (110).
(11 / 29) سورة البقرة من الآية (159). (*)