قوله (عن ثابت) هو ابن أسلم البناني يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أي أفرطوا عليها وتجاوزوا الحد في كل فعل مذموم لا تقنطوا بفتح النون وبكسرها أي لا تيأسوا من رحمة الله أي من مغفرته إن الله يغفر الذنوب جميعا قال الحافظ ابن كثير هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدا فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه محسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل والذين لا يدعون مع الله إلها ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ونزل قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ثم قال بعد ذكر أحاديث أخرى ما لفظه فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع انتهى وقال صاحب فتح البيان نقلا عن القاضي الشوكاني والحق أن الآية غير مقيدة بالتوبة بل هي على إطلاقها قال والجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء هو أن كل ذنب كائنا ما كان ما عدا الشرك بالله مغفور لمن شاء الله أن يغفر له على أنه يمكن أن يقال إن إخباره لنا بأنه يغفر الذنوب جميعا يدل على أنه يشاء غفرانها جميعا وذلك يستلزم أنه يشاء المغفرة لكل المذنبين من المسلمين فلم يبق بين الآيتين تعارض من هذه الحيثية انتهى قلت كل محتمل وما قال ابن كثير هو الظاهر عندي والله تعالى أعلم ولا يبالي أي من أحد فإنه لا يجب على الله وفي رواية أحمد سمعته يقول يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم والظاهر من هاتين الروايتين أن قوله ولا يبالي كان من القرآن ولذا قال صاحب المدارك تحت هذه الآية وفي قراءة النبي عليه السلام يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي وقال القاري وهو يحتمل أنه كان من الآية فنسخ ويحتمل أن يكون زيادة من عنده عليه الصلاة والسلام كالتفسير للآية قوله (هذا حديث
(٨٠)