واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعنى من غير برص ثم ردها فعادت إلى لونها الأول فاستشار الملا حوله فيما رأى فقالوا له إن هذان (1) لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش فأبوا أن يعطوه شيئا مما طلب وقالوا له أجمع لنا السحرة فإنهم بأرضك كثير حتى يغلب سحرهم سحرهما فأرسل في المدينة فحشر له كل ساحر متعالم فلما أتوا فرعون قالوا بما يعمل هذا الساحر قالوا بالحيات قالوا فلا والله ما أحد في الأرض يعمل السحر بالحيات والعصي التي تعمل فما أجرنا إن نحن غلبنا فقال لهم إنكم أقاربي وخاصتي (2) وأنا صانع إليكم كلما أحببتم فتواعدوا يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى قال سعيد حدثني ابن عباس ان يوم الزينة اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة وهو يوم عاشوراء فلما اجتمعوا في صعيد قال بعضهم لبعض انطلقوا فلنحضر هذا الامر لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين يعنون موسى وهارون استهزاء بهما فقالوا يا موسى لقدرتهم بسحرهم إما أن تلقي واما أن نكون نحن الملقين قال بل ألقوا فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة فأوحى الله تبارك وتعالى إليه أن ألق عصاك فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيما فاغرة فاها فجعلت العصا بدعوة موسى تلبس الحبال حتى صارت جدرا إلى الثعبان يدخل فيه حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته فلما عرف السحرة ذلك قالوا لو كان هذا سحرا لم تبتلع من سحرنا هذا ولكنه أمر من الله تبارك وتعالى آمنا بالله وبما جاء به موسى ونتوب إلى الله عز وجل مما كنا عليه وكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه وأظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وامرأة فرعون بارزة مبتذلة تدعو الله تعالى بالنصر لموسى على فرعون فمن رآها من آل فرعون ظن أنها ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه وإنما كان حزنها وهمها لموسى فلما طال مكث موسى لمواعيد فرعون الكاذبة جاءه
(٦٢)