صلاة وكان القتلى سبعين فلما فرغ منهم نزل قوله تعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة) إلى قوله (واصبر وما صبرك إلا بالله) فصبر صلى الله عليه وسلم ولم يمثل بأحد. خرجه الغساني. وعن عبد الله بن مسعود قال ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب لما قتل وقتل إلى جنبه رجل من الأنصار يقال له سهيل قال فجئ بحمزة وقد مثل به فجاءت صفية بنت عبد المطلب بثوبين لكفنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دونك المراة فردها فأتاها الزبير بن العوام فقال يا أمه ارجعي فقالت إليك عنى لا أم لك قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أردك قال فانصرفت ودفعت إلى الثوبين قال فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سهيل فأصاب سهيلا أكبر الثوبين فكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالصغير فكان إذا مده على وجهه خرجت قدماه وإذا مده على قدميه خرج وجهه فغطى النبي صلى الله عليه وسلم وجهه ولف على قدميه ليفا وإذخرا ووضعه في القبلة ثم وقف صلى الله عليه وسلم على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول يا حمزة يا عم رسول الله وأسد الله وأسد رسوله يا حمزة يا فاعل الخيرات يا حمزة يا كاشف الكربات يا حمزة يا ذاب عن وجه رسول الله قال وطال بكاؤه قال فدعا برجل رجل حتى صلى عليه سبعين صلاة وحمزة على حالته. خرجه ابن شاذان وقال غريب. (شرح): النشغ: الشهيق حتى يبلغ به الغشى. وروى ابن إسحاق أن الزبير لما قال لصفية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني انه قد مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان في ذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله تعالى فلما جاء الزبير وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به صلى الله عليه وسلم فدفن. وعن ابن مسعود قال إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله تعالى (منكم من يريد الدنيا - الآية) فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو
(١٨١)