العلماء المتبحرين فاعتمد في طب الأبدان على العالم بباطن ما يتجدد فيها من النقصان قبل أن تظهر أمراضها إلى الأطباء، وفوض إليه وتوكل عليه وسلم ملكه إليه تجده طبيبا للأدواء والاسقام مغنيا لك عن طبيب الأنام، واستعمل في زوال الأمراض ما رويناه عن التربة الشريفة، والدعوات المنيفة، والعوذ المعتبرة عن العترة المطهرة وإن احتجت إلى معالجة الأطباء فاعمل فيما يصفونه لك من أسباب الشفاء على الاستخارة والمشاورة لله جل جلاله كما شرحناه في كتاب (فتح الأبواب) فإنه جل جلاله يعلم مقدار المرض ومقدار ما يحتاج إليه من دواء مفترض وكم يكون مدة الدواء، وأما الطبيب من البشر فإنه يعلم ما ظهر، ولا يعلم ما اختفى منه ولا مقدار المرض ومقدار ما يحتاج إليه على صفة لا يكون فيها زيادة ولا نقيصة عنه ولا يعرف كم يبقى المرض من الزمان وإنما يداوي بمقدار غلبة ظنه وكم قتل بغلط ظنونه من إنسان، فقد رأينا من سقاه من شربات فكان الذي سقاه أكثر مما يحتاج إليه في العادات فمات، ومن اشتبه عليه وجه أسقامه فهلك بالمعاني لو كانت سبب طول آلامه وقد عرفت أن هذا الجسد وما يحتاج إليه ملك الله جل جلاله وبقاءه لأجله ولأجل التقرب بالخدمة إليه، وهو أمانة في يد عبده ويحاسبه عليه إذا وقف بين يديه، فإذا استأذنه في وقت استعمال الدواء ومقداره وكيفية العلاج لتحصيل الشفاء كنت قد أمنت من المخاطرة بإتلاف مهجتك، فإنك إذا هونت بمشورته فيما تعمد عليه وجرى إتلاف لما ائتمنك عليه تصير في المعنى كأنك قد قتلت قتيلا عليه وأتلفت ما كنت تخدم به من طاعتك بيد إضاعتك
(١٣٣)