فكيف ولو صح هذا الخبر لما كان (1) لهم فيه حجة؟ لأنه ليس فيه ان حكم المختلطين حكم الواحد، ولا يجوز ان يجمع مال انسان إلى مال غيره في الزكاة، ولا أن يزكى مال زيد بحكم مال عمر، لقول الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) فلو صح لكان معناه بلا شك فيما جاوز العشرين ومائة من الإبل، لمخالفة جميع الأخبار أولها عن آخرها، لما خالف هذا العمل لاجماعهم واجماع الاخبار على أن في ست وأربعين من الإبل حقة لا بنت لبون، ولسائر ذلك في الحكام التي ذكرنا.
وأيضا فإنه ليس في هذا الخبر الا الإبل فقط، فنقلهم حكم الخلطة إلى الغنم والبقر قياس، والقياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل، لأنه ليس نقل هذا الحكم عن الإبل إلى البقر، والغنم بأولى من نقله إلى الثمار والحبوب والعين، وكل ذلك دعوى في غاية الفساد، وبالله تعالى التوفيق.
ولأبي حنيفة ههنا تناقض طريف (2)، هو أنه قال في شريكين في ثمانين شاة لكل واحد منهما نصفها: ان عليهما شاتين بينهما، وأصاب في هذا، ثم قال في ثمانين شاة لرجل واحد نصفها ونصفها الثاني لأربعين رجلا: انه لا زكاة فيها أصلا لا على الذي يملك نصفها، ولا على الآخرين، واحتج في اسقاطه الزكاة عن صاحب الأربعين بأن تلك التي بين اثنين يمكن قسمتها، وهذه لا يمكن قسمتها.
فجمع (3) كلامه هذا أربعة أصناف من فاحش الخطأ!.
أحدها اسقاطه الزكاة عن مالك أربعين شاة ههنا.
والثاني ايجابه الزكاة على مالك أربعين في المسألة الأخرى، ففرق بلا دليل.
والثالث احتجاجه في اسقاطه الزكاة هنا بأن القسمة تمكن هنالك، ولا تمكن ههنا، فكان هذا عجبا وما ندري للقسمة وامكانها أو تعذر امكانها مدخلا في شئ من أحكام الزكاة؟!.
والرابع أنه قد قال الباطل، بل إن كانت القسمة هنالك ممكنة فهي ههنا ممكنة وإن كانت ههنا متعذرة فهي هنالك متعذرة، فاعجبوا لقوم هذا مقدار فقههم::.
قال أبو محمد: فان قال قائل: فأنتم توجبون الزكاة على الشريك في الماشية إذا ملك ما فيه الزكاة في حصته، وتوجبونها على الشريكين في الرقيق في زكاة الفطر، وتقولون فيمن له نصف عبد مع آخر ونصف عبد آخر مع آخر، فاعتق النصفين: أنه لا يجزئانه عن