وقالوا: إنما جعلت الزكاة فيما فيه النماء، وأما فيما فيه الكلفة فلا، ما نعلم لهم شيئا شغبوا به غير ما ذكرنا.
واحتج أصحابنا في تخصيص عوامل البقر خاصة بأن الاخبار في البقر لم تصح، فالواجب أن لا تجب الزكاة فيها الا حيث اجتمع علي وجوب الزكاة فيها، ولم يجمع علي وجوب الزكاة فيها في غير السائمة.
واحتج من رأى الزكاة في غير السائمة مرة في الدهر بأن قال: قد صحت الزكاة فيها بالنص المجمل، ولم يأت نص بأن تكرر الزكاة فيها في كل عام، فوجب تكرر الزكاة في السائمة بالاجماع المتيقن، ولم يجب التكرار في غير السائمة، لا بنص ولا باجماع.
قال أبو محمد: أما حجة من احتج بكثرة القائلين بذلك، وبأنه قول أربعة من الصحابة رضي الله عنهم لا يعرف لهم منهم مخالف: فلا حجة في قول أحمد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم نقول للحنيفيين والشافعيين في احتجاجهم بهذه القضية، فان الحنيفيين نسوا أنفسهم في هذه القصة، إذا قالوا بزكاة خمسين بقرة ببقرة وربع، ولا يعرف ذلك عن أحد عن الصحابة ولا من غيرهم الا عن إبراهيم، وتقسيمهم في الميتات تقع في البئر فتموت فيه، فلا يعرف أن أحدا قسمه قبلهم، وتقديرهم المسح في الرأس بثلاث أصابع مرة وبربع الرأس مرة ولا يعرف هذا الهوس عن أحد قبلهم، ولوددنا أن نعرف بأي الأصابع هي؟! أم بأي خيط يقدر ربع الرأس؟! واجازتهم الاستنجاء بالروث، ولا يعرف أن أحدا أجازه قبلهم، وتقسيمهم فيما ينقض الوضوء مما يخرج من الجوف والا يعرف عن أحد قبلهم، وقولهم في صفة صدقة الخيل، ولا يعرف عن أحد قبلهم، ومثل هذا كثير جدا وخلافهم لكل رواية جاءت عن أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب، ولا مخالف له يعرف من الصحابة، وخلافهم عمر بن الخطاب وأبا حثمة وابنه سهل بن أبي حثمة في ترك ما يألكه المخروص عليه من التمر، ومعهم جميع الصحابة بيقين، ولا مخالف لهم في ذلك منهم. ومثل هذا كثير جدا.
وكذلك نسي الشافعيون (1) أنفسهم في تقسيمهم ما تؤخذ منه الزكاة مما يخرج من الأرض (2) ولا يعرف عن أحد قبل الشافعي، وتحديدهم ما ينجس من الماء مما لا ينجس بخمسمائة رطل بغدادية وما يعرف عن أحد قبلهم، وخلافهم جابر بن عبد الله فيما سقى بالنضح وبالعين أنه يزكى على الأغلب، ولا يعرف له مخالف من الصحابة ومثل هذا كثير جدا لهم.
وأما احتجاجهم بما جاء في بعض الأخبار من ذكر السائمة فنعم، صح هذا اللفظ في حديث أنس عن أبي بكر رضي الله عنه في الغنم خاصة. فلو لم يأت غير هذا الخبر لوجب