أصلا الا كتعلق الزهري، والحسن بذكر الليلتين فيه ولا فرق، ومالهم بعد (1) هذا حيلة، على أنهم قد كفونا المؤونة، فذكر مالك في المدونة ان من تأول من الرعاة وغيرهم فأفطر في مخرج ثلاثة أميال فليس عليه إلا القضاء، ورأي القصر في منى من مكة وهذا قولنا، وكذلك رأى أبو حنيفة، والشافعي في المتأول ولا فرق، وأيضا فإنهم كلهم رأوا لمن سافر ثلاثة أيام ان يفطر إذا فارق بيوت القرية فان رجع لشئ أوجب عليه ترك السفر فلا شئ عليه الا القضاء، فقد أوجبوا الفطر في أقل من ميل، ويغنى من هذا كله قول الله تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر). فلم يخص تعالى سفرا من سفر، ووجدنا ما دون الميل ليس له حكم السفر لأنه قد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعد للغائط والبول فلا يقصر ولا يفطر، ولم نجد في أقل من الميل قولا عن أحد من أهل العلم بالدين واللغة.
قال على: ويلزم من تعلق من الحنيفيين بحديث (لا تسافر المرأة) ان لا يرى القصر والفطر في سفر معصية لأنه عليه السلام لم يبح لها بلا خلاف سفر المعصية أصلا وإنما أباح لها بلا شك أسفار الطاعات، وهذا مما أوهموا فيه من الاخبار انهم أخذوا به (2) وهم مخالفون له.
قال على: فأما ما دون الميل فقد قال قوم: ليس له حكم السفر فلا يجوز الفطر ولا القصر فيه أصلا وان أراد ميلا فصاعدا لان نية السفر هي غير السفر، وقد ينوى السفر من لا يسافر، وقد يسافر من لا ينوى السفر، وقد روى عن أنس الفطر في رمضان في منزله إذا أراد السفر، وروى عن علي إذ يفارق (3) بيوت القرية، وروى عن ابن عمر ترك القصر حتى يبلغ ما يقصر في مثله، وبالله تعالى التوفيق.
وكان هذا هو النظر لولا حديث أنس (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فلم يزل يصلى ركعتين ركعتين (4) حتى رجعنا (5) إلى المدينة (6) فهذا على عمومه لا يجوز أن يخص منه شئ بغير نص.
وأما قولنا: يقضى بعد ذلك في أيام أخر فهو نص القرآن، وجائز أن يقضيه