الفجر، وأباح الاكل إلى أذانه، فقد صح أن الاكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه.
وقد ادعى قوم أن قوله تعالى: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى يطلع الفجر): و: (حتى يقال له: أصبحت أصبحت) أن ذلك على المقاربة، مثل قوله تعالى: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) إنما معناه فإذا قاربنا بلوغ أجلهن.
قال أبو محمد: وقائل هذا مستسهل للكذب على القرآن وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أو ذلك أنه دعوى بلا برهان، وإحالة لكلام الله تعالى عن مواضعه، ولكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول عليه بما لم يقل، ولو كان ما قالوا لكان بلال وابن أم مكتوم معا لا يؤذنان الا قبل الفجر، وهذا باطل، لا يقوله أحد، لأهم ولا غيرهم.
وأما قوله تعالى: (فإذا بلغن أجلهن). فاقحامهم فيه أنه تعالى أراد فإذا قاربن بلوغ أجلهن: باطل وكذب، ودعوى بلا برهان، ولو كان (1) ما قالوه لكان لا يجوز له الرجعة الا عند مقاربة انتهاء العدة، ولا يقول هذا أحد، لأهم ولا غيرهم، وهو تحريف للكلم عن مواضعه، بل الآية على ظاهرها، وبلوغ أجلهن هو بلوغهن أجل العدة، وليس هو انقضاءها، وهذا هو الحق لأنهن إذا كن أجل العدة كله فللزوج الرجعة، وله الطلاق، فبطل ما قالوه بيقين لا إشكال فيه.
وقال بعضهم: قول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: (اكلا لنا الفجر) موجب لصحة قولهم.
قال أبو محمد: وهذا باطل لوجهين.
أحدهما: أنه عليه السلام لم يأمره بذلك إلا للصلاة، لا للصوم.
والثاني: أنه حتى لو أمره بذلك للصوم لكان حجة لنا لا لهم، لان الاكل والجماع مباحان إلى أن ينذرهم بلال بطلوع الفجر، وإنذاره إياهم بطلوع الفجر لا يكون إلا بعد طلوع الفجر بلا شك، فالاكل، والشرب، والجماع مباح كل ذلك ولو طلع الفجر، وإنما يحرم كل ذلك بانذار بلال بعد طلوع الفجر، هذا مالا حيلة لهم فيه، وقولهم هنا خلاف للقرآن ولجميع السنن.
حدثنا حمام بن أحمد ثنا عبد الله بن محمد الباجي ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا حبيب ابن خلف البخاري ثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد ثنا روح بن عبادة ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن زربن حبيش قال: (تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد، فدخلت