وقد روينا من طريق أبى داود: ثنا الحسن بن علي ثنا حسين هو الجعفي زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: (جاء اعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، يعنى رمضان، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال، أتشهد ان محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: قم يا بلال فأذن في الناس فليصوموا غدا).
قال أبو محمد: رواية سماك لا نحتج بها ولا نقبلها منهم، وهم قد احتجوا بها في أخذ الدنانير من الدراهم، فيلزمهم أن يأخذوها (1) ههنا، والا فهم متلاعبون في الدين.
فان تعلق من فرق بين هلال رمضان وهلال شوال بهذين الخبرين، وقال: لم يرد الا في هلال رمضان.
قلنا: ولا جاء نص قط بالمنع من ذلك في هلال شوال، وأنتم أصحاب قياس، فهلا قستم هلال شوال على هلال رمضان؟.
فان قالوا: إن الشاهد في هلال رمضان لا يجر إلى نفسه، الشاهد في هلال شوال يجر إلى نفسه.
قلنا فردوا بهذا الظن بعينه شهادة الشاهدين في شوال أيضا، لأنهما يجران إلى أنفسهما، كما تفعلون في سائر الحقوق.
وأيضا: فان من يكذب في مثل هذا لا يبالي قبل أورد.
ونقول لهم: إذا صممتم بشهادة واحد فغم الهلال بعد الثلاثين، أتصومون أحدا وثلاثين (2)؟! فهذه طامة، وشريعة ليست من دين الله تعالى! أم تفطرون عند (3) تمام الثلاثين وان لم تروا الهلال؟! فقد أفطرتم بشهادة واحد وتناقضتم! وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فان شغبوا بما روينا من طريق عباد ابن العوام: ثنا أبو مالك الأشجعي ثنا حسين بن الحارث الجدلي جديلة قيس: أن أمير مكة وهو الحارث بن حاطب خطب فقال: (عهد الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك لرؤيته، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما).
وبما روينا من من طريق أبى عثمان النهدي قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسلمان أنتما؟ قالا: نعم (فأمر الناس فأفطروا أو صاموا).
وعن الحارث عن علي: إذا شهد رجلان على رؤية الهلال أفطروا.