وعن عمرو بن دينار قال: أبى عثمان أن يجيز شهادة هاشم بن عتبة أو غيره على رؤية الهلال.
وعن عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي وائل قال: كتب الينا عمر. ونحن بخانقين (1): إذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان لرأياه بالأمس.
قلنا: أما حديث الحارث بن الحارث بن حاطب فان راويه حسين بن الحارث وهو مجهول، (2) ثم لو صح لم يكن فيه حجة، لأنه ليس فيه الا قبوله اثنين، ونحن لا ننكر هذا، وليس فيه أن لا يقبل واحد.
وكذلك حديث أبي عثمان، على أنه مرسل.
وكذلك القول في فعل على سواء سواء.
وقد يمكن أن يكون عثمان رضي الله عنه إنما رد شهادة هاشم بن عتبة لأنه لم يرضه، لا لأنه واحد، ولقد كان هاشم أحد المجلبين على عثمان رضي الله عنه.
وأما خبر عمر فقد صح عن عمر في هذا خلاف ذلك، كما روينا من طريق محمد ابن جعفر عن شعبة عن ابن عبد الأعلى الثعلبي (3) عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب: ان عمر بن الخطاب كان ينظر إلى الهلال، فرآه رجل، فقال عمر:
يكفي المسلمين أحدهم، فأمرهم فأفطروا أو صاموا. فهذا عمر بحضرة الصحابة.
وقد روينا أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل هذا، وبه يقول أبو ثور.
واما قولنا: انه يبنى على رؤيته فقد روينا عن عمر خلاف ذلك، وهو أن من رآه وحده في استهلال رمضان فلا يصم ومن رآه وحده في استهلال شوال فلا يفطر، وبه يقول الحسن.
روينا ذلك (4) من طريق معمر عن أبي قلابة: أن رجلين رأيا الهلال في سفر، فقدما المدينة ضحى الغد، فأخبرا عمر، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: نعم، كرهت أن يكون الناس صياما وانا مفطر، كرهت الخلاف عليهم، وقال للآخر: فأنت؟
قال: أصبحت مفطرا، لأني رأيت الهلال، فقال له عمر: لولا هذا يعنى الذي صام لأوجعنا رأسك ورددنا شهادتك، ثم أمر الناس فأفطروا.