المحلى - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٢١٦
إلى الحلق أثر ولا عثير والإشارة (1) ولا دليل، ولكنهم لا يزالون يتكهنون في السنن ما يوافق آراءهم بالدعاوى الكاذبة! وبالله تعالى التوفيق.
وأما الذباب يدخل في الحلق غلبة ومن رفع رأسه إلى السماء فتثاءب فوقع في حلقه نقطة (2) من المطر: فان مالكا قال: يفطر، وقال أبو حنيفة: لا يفطر بالذباب.
وقد روينا من طريق وكيع عن أبي مالك عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في الذباب يدخل حلق الصائم قال: لا يفطر.
وعن وكيع عن الربيع عن الحسن في الذباب يدخل حلق الصائم قال: لا يفطر.
وعن الشعبي مثله.
وما نعلم لابن عباس في هذا مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم إلا تلك الرواية الضعيفة عنه.
وعن ابن مسعود: الفطر مما دخل وليس مما خرج، والوضوء مما خرج وليس مما دخل.
وكلهم قد خالف هذه الرواية لأنهم يرون الفطر بتعمد خروج المنى، وهو (3) خارج لا داخل، ويبطلون الوضوء بالايلاج، وهو (4) داخل لا خارج.
قال أبو محمد: قد قلنا: إن ما ليس أكلا ولا شربا ولا جماعا ولا معصية فلا يفطر لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما السواك بالرطب، واليابس، ومضغ الطعام، وذوقه ما لم يصل منه إلى الحلق شئ بتعمد: فكلهم لا يرون الصيام بذلك منتقضا، وإن كان الشافعي كره السواك في آخر النهار ولم يبطل بذلك الصوم (5)،.
وكره بعضهم مضغ الطعام وذوقه، وهذا لا شئ، لان كراهة ما لم يأت قرآن ولا سنة بكراهته (6) خطأ، وهم لا يكرهون المضمضة، ولا فرق بينهما وبين مضغ الطعام، بل الماء أخفى ولوجا وأشد امتزاجا بالريق من الطعام، وهذا مما خالفوا فيه القياس.
واحتج الشافعي بالخبر الثابت (ان خلوف فم الصائم أطيب عند الله (7) من ريح المسك).
قال أبو محمد: الخلوف خارج من الحلق، وليس في الأسنان، والمضمضة تعمل

(1) بفتح العين المهملة وبكسرها مع اسكان الثاء المثلثة وفتح الياء ويقال بتقديم الياء على الثاء مع فتح العين فقط، وكلاهما بمعنى الأثر الخفي (2) في النسخة رقم (16) (نقط) (3) في النسخة رقم (14) (وهذا) (4) في النسخة رقم (14) (وهذا) (5) في النسخة رقم (16) (به الصوم) (6) في النسخة رقم (16) (بكراهيته) (7) في النسخة رقم (16) (عند الله أطيب). ما هنا أقرب لألفاظ الحديث
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست